وأصحُّهما: المنع؛ لأنه كالخارج عن ملكه، بدليل أنه لا يملك منافِعَه، وأرْشُ الجناية عليه، وقد بني الخلافُ على الخَلاف فيما إذا قال: مماليكي أحرارٌ، هل يدْخُلُ المكاتَبُ فيه؟ وفي "البيان" طريقةٌ قاطعةٌ: بأنه لا يَحْنَثُ بالمكاتب، وذُكِر في الحِنْث بأمِّ الولد وجهان أيضًا.
والأصحُّ: الحِنْث؛ لأن رقبتها مملوكة، ولسيِّدها منافِعُها، وأَرْشُ الجنايةِ عَلْيها، ولو كان يَمْلِكُ منفعةً بوصية، أو إجارةٍ، فهلْ يَحْنَثُ؟ فيه وجهان:
أظهرهما: وهو المذكور في الكتاب: أنه يحْنَث؛ لأن المفهوم من لَفْظ المالِ عند الإِطْلاقَ الأعيان، ولا يحنث بالموقوف عَلَيْه، إنْ قلنا: الملْك في الوقْف لله تعالَى، أو يبقى للواقف.
وإن جعلناه للموقوف عليه، ففيه وجهان، كما في المستولدة، ولو كان قد جنَى عليه خطأ، أو عمْدًا أو عفا على مال، فيحنث، وإن كانتِ الجنايةُ عمدًا، ولم يقتص، ولم يَعْفُ، قال في "البيان" يُحتمل أن يُبْنَى عَلَى أن موجب العَمْدِ، ماذا؟ إن قلْنا: القَوَدُ، لم يحنث، وإن قلنا: القود، أو المالُ، حَنِثَ.
وقد يُتوَقَّفُ في هذا (?).
وكون المال مرهونًا لا يمنع الحِنْث، وكذا عدم استقرار المِلْك، وعن أبي الحُسَيْن: أنه لا حِنْثَ بالأجرة المأخوذة، إذا لم تنتقض مدة الإِجَارة. لاحتمال أن يطرأ ما يوجِبُ فسخ العقد، وردَّ الأجرة، وغلَّطه القاضي ابن كج فيه، ولو حلَف؛ لا مِلْكَ لَهُ حَنِثَ بالعَبْد الآبق، والمغْصُوب وبأم الوَلَدِ، وبالوقْف، إن قلْنا: يملكه بالمنفعة المستَحَقَّة وبالدَّيْن، وقياسُ ما سبق مجيءُ الخلاف في الآبِقِ والمَغْصُوبُ وإن كان في نكاحِ الحالفِ امرأةٌ، ففي "التتمة": أن الحِنْثَ يُبْنَى على أن النكاح، هل فيه ملك أم هو عِقْدُ حِلٍّ؟ فإن قلْنا: فيه ملْكٌ، حَنِثَ (?).
قَالَ الغَزَالِيُّ: النَّوْعُ الرَّابعُ فِي الإِضَافَاتِ وَالصِّفَاتِ: وَلَوْ حَلَفَ لا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِ مَسْكَنِهِ الَّذِي لا يَمْلِكُهُ، وَيَحْنَثُ بِدُخُولِ دَارِهِ الَّذِي لا يَسْكُنُ، وَمُطْلَقُ الإِضَافَةِ لِلِمَلْكِ، وَلَوْ حَلَفَ لاَ يَدْخُلُ مَسْكِنَهُ حَنِثَ بِدُخُولِ مَسْكَنِهِ المُسْتَعَارِ وَالمُسْتَأْجَرِ،