إليه من غير قصد، لم يوصف بالكراهة، ويكون بمثابة لَغْوِ اليمين؛ وعلى ذلك يُحْمَلُ ما رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال للأعرابيِّ الذي قال: "لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أَنْقُصُ: أَفْلَحَ، وَأَبِيهِ، إنْ صَدَقَ" (?) وإلى هذا المعنى يرجع قول من قال: إنه وقع صلةً في الكلام.
الثانية: إذا قال: إن فعلتُ كذا، فأنا يهوديٌّ، أو نصرانيٌّ، أو بريءْ من الله تعالى، أو من رسوله، أو من الكعبة، أو من الإِسلام، أو مستحلِّ الخمر والميتة، لم يكن ذلك يميناً، ولم تجب الكفَّارة بالحنث فيه، خلافاً لأبي حنيفة وأحمدَ -رحمهما الله- واحتج الأصحاب بأنه قولٌ عَرِبِيٌّ عن اسم الله تعالى وصفته، فلا ينعقد اليمين به، كما لو قال والسماءِ والأرضِ، ولَعَمْرِي وأبي، وبأن المحلوف حرامٌ، فلا ينعقد به اليمينُ، كما لو قال: إن فعلتُ كذا، فأنا زانٍ أو سارقٌ، وربما خُرِّج الخلافُ على حقيقة اليمين، فعندنا يُعتبر فيه ذكر الله تعالَى، ولم يُوْجَدْ عند أبي حنيفة أنَّ اليمين هي تحقيقُ الوعيد بما يكفر بضده، فقول القائل: واللهِ، لأَفعلن كذا، يتضمن تَعْظيمَ الله تعالَى، والإنسانُ يَكْفُر بضدِّه، وقوله: إن فعلتُ كذا، فأنا يهوديٌّ، يتضمن تعظيمَ الإِسلام وإبعاد النفسِ عن التهوُّد، وضدُّه الرغبة في التهود والرضا به وهو كفر، هذا إذا قصدَ القائل تبعيد النفس عن ذلك، فأما من قال ذلك على قَصْد الرضا بالتهوُّد وما في معناه، إذا فعل ذلك الفعْل، فهو كافرٌ في الحال (?) , ثم الكلام في القيد المذكور يتعلَّق بفصلين: