الرامي؛ هذه القطعة أبانها سهِمْي بقوته وذهب بها، وقال الآخر: بل كانت القطعةُ مبانةً من قبل، فتعلقت بالسهم، فالقولُ قول الآخر؛ لأن الأصل أَنْ لا خَسْقَ، نص عليه في "الأم" قال الشيخُ أبو حامد؛ هذا ما إذا لم يجعل الثبوت في الهدف كالثبوت في الغرض، فإن أقمناه مقامه، فلا معنى لهذا الاختلاف، وقوله في أول الفصْل "شرط الخاسق" وهي التي تخرق، المقصود منه أن الخرق يُعْتبر هاهنا، بخلاف ما إذا كان المشروط القَرْعَ، فاما أنه، هل يكتفي بالخرق أم يعتبر فيه الثبوت؟ ففيه الخلافُ الذي مَرَّ.
قَالَ الغَزَالِيُّ: الثَّالِثَةُ: إِذَا شُرَطَ لِمَنْ يَسْبِقُ إِلَى عَشَرَةٍ مِنْ مِائَةٍ فَسَبَقَ إِلَيْهِ مِنْ خَمْسِينَ اسْتَحَقَّ، وَفِي لُزُومِ إِتْمَامِ العَمَلِ للِتَّعْلِيم وَجْهَانِ، وَإِنْ كَانَتْ مُحَاطَّةٌ وَخَلَصَ لَهُ عَشَرَةٌ مِنْ خَمْسِينَ فَفِي لُزُومِ الإِتْمَامِ وَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ، وَأَوْلَى بِاللُّزُومِ إِذِ الحَطُّ فِي البَاقِي مُنْتَظَرٌ، وَالخِلاَفُ رَاجِعٌ إِلَى أَنَّ الحَطَّ بَعْدَ الكَمَالِ هَلْ يُؤَثِّرُ؟ وَإنْ تَمَّتْ عَشَرَتُهُ فِي آخِرِ الخَمْسِينَ وَلِلآخَرِ تِسْعَةٌ مِنْ تِسْعِ وَأَرْبَعِينَ، فَإِنْ أَصَابَ فِي آخِرِ الخَمْسِينَ فَقَدْ تَسَاوَيَا وَلاَ سَبْقَ، وَإِنْ أَخْطَأَ اسْتَحَقَّ الآخَرُ مَالَهُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا تناضلا مبادرة وشَرَطا المال لمن سبق إلى إصابة عشرة من مائة مثلاً، فسبق أحدهما إلى الإِصابة المشروطة قبل كمال عدد الأرشاق، فإن رَمَى كل واحد منهما خمسين، وأصاب أحدُهما في عشرة، وأصاب الآخر فيما دون العشرة أو لم يُصب في شيء، فلا شك في أن الأول ناضلٌ مستحِقٌ للمال، وهل يلزم إتمام العمل؟ فيه وجهان، نقلهما الإِمام وصاحبُ الكتاب:
أظهرهما: وهو الذي أورده الجمهور: أنه لا يلزم؛ لأنه تم العمل الذي يتعلق به الاستحقاق، فلا معنى لالتزام عمل بعد ذلك.
والثاني: يَلْزُمُ، لينتفع صاحبُه بمشاهدة رميه، ويتعَلَّمَ منْه، وقرب هذا الخلاف من الخلاف في الرجوع إلى أجرة المثل عند فساد هذه المعاملة، إن قلنا: لا رجوع إلى الأجرة، فكلٌّ يعمل لنفسه، واستحقاقُ المال بالشرط على حكم المخاطرة، ولا يكلَّف إتمام العمل بعد استحقاق المال بالشرط على حكم المخاطرة، وإن أثبتنا الرجوع إلى الأُجْرة، فقد قدَّرنا العمل كالمنافع المستحقة، فلا يبعد أن يكلَّف استتمام العمل بعْد الفوز بالمال.
ولو شَرَطَا المال لمن سبق إلى خمسة من عشرين، فرمى أحدهما عشرة، وأصاب خمسةً، والآخر عشرةً، وأصاب ثلاثةً، فالأول ناضلٌ، وفي لزوم إتمام العمل وجهان؛ ولو تناضلا محاطَّة وشرَطَا المال لمن خلص له عشرة من مائة، فرمى كل واحد خمسين، فأصاب في خمسة عشر، والآخر في خمسة، فقد خَلَصَ للأول عشرةٌ، وهل