يختار المكان، فيقف في المقابلة أو متيامناً أو متياسراً (?) كيف شاء، فليحمل ما في الكتاب عليه، وإذا وقف، وقف الآخر بجنبه، إما على اليمين أو اليسار، فإن لم يرض إلا أن يقف عند الرمْي في موقف الأول، فهل له أن يزيله عنْ موقفه؟ ذُكِر فيه وجهان، وإذا كانا يرميان بين غرضين، فإذا انتهيا إلى الغرض الثاني، فالثاني كالأول؛ يقف حيث شاء وإن كانوا ثلاثة، فعن أبي إسحاق: أنَّه تُقْرع بين الآخرين عند الغرض الثاني فمن خرجت له القرعةُ، يقف حيث شاء (?) ثم إذا عادوا إلى الغرض الأول، بدأ الثالث بلا قرعة، ويقف حيث شاء، وذكر قولٌ آخر أنهما حيث تنازعا في الموقْف، حُمَلا على عادة الرماة، إن كانت لهم في ذلك عادة مستمِرَّة.
الثانية: لو رضُوا بعد العقد بتقدُّم واحد، نُظِر؛ إن كان يتقدم بقدر يسير، فلا بأسَ؛ لأن مثله يقع، إذا وقفوا صفًّا على ما ذكرنا، وإن كان أكثر منه، لم يجز؛ لأنه يخالف وضع العقْد، وهو كما لو شرط الاستحقاق لواحد بتسع إصابات، وللآخر بعشرٍ، ولو تأخَّر واحد برِضا الآخرين، فوجهان:
أحدهُما: يجوز؛ لأنه يزيد المسافة ويضر بنفسه.
وأظهُرهما: المنع؛ لأنه إذا تأخَّر كان الآخرون متقدِّمين؛ ولأن القوس الشديد (?) قد يُحْوج إلى زيادة المسافة، فينتفع بالتأخر، ويجري مثل هذا في المسابقة.
الثالثة: لو تطابقوا جميعاً على المتقدُّم (?) والتأخر أو تعيين عدد الأرشاق بالزيادة والنقصان، فينبني ذلك على أن المسابقة والمناضلة جائزتان أو لازمتان وسيأتي من بعد -إن شاء الله تعالى-:
فَرْعٌ: لو قال أحدُهُما: ننصب الغرض؛ بحيث يستقبل الشمس، وقال الآخر: نستدبرها، أُجِيب الثاني؛ لأنه أصلح للرمْي.
واعلم أن المسابقة والمناضلة يشتركان في بعض الشروط: كالمحلِّل والإِعْلام، ويفترقان في بعْضها؛ كتعيين الغرضين وصاحبُ الكتاب عدَّ شروط كل واحد منهما ستةً، وفقْهُما ما بيَّناه، لكنه قَدَّم وأخَّر الشروط المشتركة، وغَيَّر التراجم، ولو أوردها على نَسَقٍ واحدٍ، وميز ما يشتركان فيه عما يفترقان، لكان أحْسَنَ في الترتيب.
قَالَ الغَزَالِيُّ: النَّظَرُ الثَّانِي فِي حُكْم العَقْدِ وَهُوَ الوَفَاءُ بالشَّرْطِ لَكِنْ لِلشَّرْطِ صُوَرٌ: الأوُلَى: أَنْ يُشْتَرط القُرْعَاتُ فَإذَا قُرَعَ اسْتَحَقَّ وَإِنْ لَمْ يَخْرِقْ، وَلاَ يَكْفِي القَرْعُ بِفَوْقِ