والثاني: يقسَّم على عدد الإِصابات؛ لأن الاستحقاق بالإِصابة، وعلى هذا، فمن لا إصابة له لا شيء له، هذا إذا أطلقوا العقد، فإن شرطوا أن يقسموا على الإِصابة، فالشرط متبعُ، وللإِمام فيه احتمالٌ.

وقوله في الكتاب "لا بالقرعة التي قد تجوز" هذه اللفظة تقرأ بالخاء والنون من الخيانة، وبالجيم والزاي من الجواز وهما صحيحان.

قَالَ الغَزَالِيُّ: السَّادِسُ تَعْيِينُ المَوْقِفَ شَرْطٌ مَعَ التَّسَاوِي، فَلَوْ شُرِطَ لِوَاحِدٍ تَقَدُمٌ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ تَنَافَسُوا فِي الوُقُوفِ فِي الوَسَطِ فَهُوَ كَالتَّنَافُسِ فِي البِدَايَةِ، وَلَوْ رَضُوا بَعْدَ العَقْدِ بَقَدُّمِ وَاحِدٍ لَمْ يَجُزْ وَكَأَنَّهُمْ حَطُّوا عَنْهُ رَمْيَةً، وَلَوْ رَضُوا بِتَأخُّرِهِ فَوَجْهَانِ، وَلَوْ حَطُّوا عَنْ وَاحِدٍ إِصَابَةً وَاحِدَةً لَمْ يَجُزْ، وَلَكِنْ لَوْ تَطَابَقُوا عَلَى التَّقَدُّمِ بِأَجْمَعِهِمْ أَوْ عَلَى تَعْيينِ عَدَدِ الأَرْشَاقِ فَهَذَا كَإِلْحَاقِ زَيادَةٍ بِالعَقْدِ، وَيَجُوزُ علَى قَوْلِ الجَوَازِ دُونَ اللُّزُومِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: يُشْترط تعيين الموقِفِ وتساوي المتناضلين فيه، فلو شرط أن يكُونَ موقف بعضهم أقربَ، لم يجز، كما في المسابقة، نَعْم، لو قَدَّم أحدهُما أحد قدميه عند الرمي، فلا بأسَ، فقد يعتاد الرماة ذلك، وورائه كلامان:

أحدهُما: إذا وقف الرماة صفاً، فالواقف في الوسط أقربُ إلى الغرض ممَّن على اليمين واليسار؛ ألا ترى أنك لو رسمت خطَّا في الوسط إلى الغرض، وخطين ممن في الصف إليه، يثبت التفاوت بينهما, ولكنَّ هذا التفاوتَ محتملٌ بالاتفاق، ولم يَشْتَرِطْ أحد تناوب الرماة على الموقف المقابِل؛ لما في القيام والتعود من العسر.

والثاني: عن "الأم": أن فيما بين الرماة قد يتقدَّم الرامي الثاني على الأول بخطوة أو خطوتين أو ثلاث، وذكر الأصحاب أن هذه العادة، إن لم تُطْرَد فيما بينهم؛ بأن كانوا يفعلونه تارة، ويسقطونه أخرى، فلا يعتبر، وتجب رعاية التسوية، وإن اضطردت، فوجهان، وحيث اعتبرت، فإن لم تختلف العادة في عدد الأقدام، روعي ذلك، وإن اختلفت اعْتُبِر الأصل، والمعنَى، في تقدُّم الثاني أن يقع القرب في مقابلة قوة النفس بالبداية، ثم في الفصل صورٌ:

إحداها: لو تنافسوا في الوقوف في وسط الصفِّ فقْد ذكر الإِمام وصاحبُ الكتابِ: أنه كالتنافس في البداية، والمفهومُ من هذا: أنهما، إذا لم يتعرَّضا له في العقد في قول، ويتبع العادة في قول، ويقرع بينهما في قول، وقد ينجزُّ هذا المفهوم إلى أن يُقْرع لذلك التنازع تارةً، ولهذا التنازع أخرَى، وحينئذٍ، فقد تخرج قرعة البداية لأحدهما وقرعة الوقوف في الوسط للآخر، لكن الذي أورده الجمهور: أنَّهما، إذا اختلفا في موضع الوقوف، فالاختيارَ لمن له البداية، فمن يستحق السبق، إما بالشرط أو غيره،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015