القرعة بعد تعديل الحصص والأقساط معهودة، والذي أورده صاحب "المهذب" و"التهذيب" وغيرهما: المنع؛ لأن تعيين المعقود عليه بالقرعة في المعاوضات لا يجوز. هذا ما ذكره، ولك أن تقول: قد تقرَّر أن العقْد لا يجوز قبل التعيين، وحينئذٍ فقولُهما: لا يجوز التعيْين بالقُرعة، (?) وإنما التعيين بالاختيار، إما أن يريد به أن مناضلة الحزبَيْن على أن يكون مع كل زعيم الذين تخرجُهم القرعة له، لا يجوز، أو يريد به أن المناضلة على عين، من أخرجه القرعة، لا يجوز، إن أراد الأول فالمناضلة على من يختاران من بعد، وجب ألا يجوز أيضاً، كما في سائر العقود، وان أردنا الثاني، وجب أن نحكم بالجواز، فإنهما إذا اختارأ بلا قرعة، وعقدا، يجوز، فإذا اخرجت القرعة، ورضينا بمن أخرجته، وعقدا عليهم، وجب القول بالجواز (?) فَإذَنْ لا فرقَ بَيْن التعيين بالاختيار والتعيين بالقرعة، والله أعلم.
وعن نصه -رضي الله عنه- في "الأم": أنهما لو تناضلا على أن يختار كل واحد منهما ثلاثةً، ولم يسمهم الآخر، لم يجز، وأنه لا يجوز أن يعرف كل واحد منهم من يرمي معه؛ بأن يكُونَ حاضراً يراه أو غائباً يعرفه، واحتج القاضي أبو الطيِّب بظاهره على أنه يكفي معرفة الزعيمَيْن، ولا يعتبر أن يعرف الأصحاب بعضُهم بعْضاً وبداية أحد الحزبين بالرمْي كبداية أحد الشخصين، ولا يجوز أن يَشْرِطا أن يقدم من هذا الحزبِ فلانٌ، وأن يقابله من الحزب الآخر فلانٌ ثم فلان وفلان؛ لان تدبير كل حزب إلى زعيمهم، ليس للآخر مشاركتهُ فيه، ثم في الفصْل صورٌ:
إحداها: لو حضر عندهم غريبٌ، فاختاره أحد الزعيمَيْن على ظن أنه يجيد الرمْيَ، فبان خلافُه، نُظِر؛ إن كان لا يحسن الرمي أصلاً، بَطَلَ العقد فيه، وسقط من الحزب الآخر واحدٌ بإزائه، كما أنه، إذا بَطَل البيع في بعض المبيع، يسقط قسْطُه من الثمن، وهل يَبْطُل العقد في الباقي؟ فيه طريقان:
أشهرُهما: أنه على الخلاف في تفريق الصفقة.
والثاني: القطعُ بالبطلان؛ لأنه ليس بعضهم بأن يُجْعَلَ في مقابلته بأَوْلَى من بعض، وفي القُرْعة يجوز، فإن قلْنا: لا يبطُل، فللحزبين خيارُ الفسخ، والإجازةُ للتبعيض، فإن أجازوا وتنازعوا في تعيين من يُجْعل في مقابلته، فسخ العقد، لتعذر إمضائه، هذا هو المشهور فيما إذا بان أنه لا يحسن الرمْيَ استدرك الأِمام، ورأى أن يفَصَّل؛ فيُقالُ إن كان الأخرق بحيث لا يتمكن من أخذ قوس ونزع وتر، فالحكم ما ذكروه، وإن كان يتمكَّن منهما، لكنه ما اعتاد الرمْي، ففيه احتمال، ويتطرَّق الاحتمال