وَلَوْ تَرَامَى عَرَبِيَّنِ وَتَعَاقَدَا صَحَّ إِلاَّ أنْ يَظْهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَخْرَقُ تَسْتَحِيِلُ مُقَاوَمَتُهُ لِلآخَرِ فَيَتَبَيَّنُ بُطْلاَنُ العَقْدِ عَلَى رَأْي، وَلاَ يَشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِي عَدَدِ الحِزْيَيْنِ بَلْ فِي عَدَدِ الرَّمْيَاتِ فَيُرَامِي وَاحِدٌ ثَلاَثةً وَلَكِنْ يَرْمِي هُوَ ثَلاثةَ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَرْمِي وَاحِدَةً، ثُمَّ السَّبَقُ يُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ رَؤوسِ الحِزْبِ لاَ عَلَى عَدَدِ الإِصَابَةِ إِلاَّ أن يُشْتَرَطَ التَّوْزِيعُ عَلَى الإِصَابَةِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: لا يصحُّ عقدُ المناضلة، إلا بعد تعيين المُتَرَامِيَيْنِ ووجِّه بأن المقصود معرفة حَذَقِهما؛ ولا يعرف ذلك إلا إذا تعيْنا، وأيضاً، فقد ذكرنا أن التعويل في المناضلة على الرامي، كما أن التعويل في المسابقة على المركوب، فاشتراط تعيين الرامي هاهنا كاشتراط تعيين المركوب هناك، وتجوز المناضلة بين حزبين فصاعداً؛ لِمَا رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- "مَرَّ بحِزْبَيْنِ مَنِ الأَنْصَارِ يَتَنَاضَلُونَ، فَقَالَ: أَنا مَعَ الْحِزْبِ الَّذِي فِيهِمُ ابْنُ الأدْرَع" (?) ويكون كلُّ حزب فيما يتَّفِق لهم من الخطأ والصواب، كالشخص الواحد، وفي "المهذب": أن ابن أبي هريرة لم يجوز ذلك لئلا يأخذ بعضُهم برَمْي بعضٍ، والظاهر الأول، وليكن لكل واحد من الحزبَيْن زعيم يعين أصحابه، فإذا تراضيا يوكَّل عنهم في العقد، ولا يجوز أن يكونَ زعيم الحزبين واحداً، كما لا يجوز أن يتوكَّل في طرفي البيع واحدٌ، ولا يجوز أن يعقد قبل تعيين الأعوان، ولا وجه لالتزام الرماة في الذمة نصَّ عليه القفَّال والأئمة، وطريق التعيين الانقياد والتراضي فيختار زعيم واحداً والزعيم الآخر في مقابلته واحداً ثم الأولِ واحداً ثم الآخر واحداً إلى أن يستوعبوا, ولا يجوز أن يختار واحدٌ جميعَ الحِزْبِ أولاً؛ لأنه لا يُؤْمَن أن يستوعب الحذَّاق ولا يجوز أن يعيَّن الأصحاب بالقرعة؛ لأنها قد تجمع الحذاق في أحد الجانبين، فيفوت مقصود المناضلة؛ ولذلك قيل: لو قال أحد الزعيمَيْن: أختار الحُذَّاق، وأُعْطِي السبَق، أو الخَرْقَ، وآخُذُ السبق، لا يجوز، وأيضاً، فالقرعة لا مدخل لها في عقود المعاوضات؛ ولذلك، لا تجوز المسابقة على مَنْ خَرَجت منهم، فقد قال الإِمام: لا بأس به؛ فإنَّ