والثاني: لا يُشْترط؛ لأن الرمي لا يجري على نسَقٍ واحدٍ، فقد لا يستوفي الأرشاق؛ لحصول الفوز في خلالها، كما سيأتي -إن شاء الله تعالى- فليكن التعويل على الإِصابات.
والثالث: أنه يشترط ذلك في المحاطَّة، ليفصل الأمر ويتبين نهاية العقد، ولا يُشْترط في المبادرة؛ لتعلُّق الاستحقاق بالبدار إلى العدد المشروط، وهو سهل المدرك، والأول هو الذي أورده عامة الأصحاب، ونفى نافون الخلاف فيه، فيجوز أن يعلم؛ لقطعهم قوله في الكتاب "قولان" بالواو ويجوز أن يعلم قوله "فيجب ذكره في المحاطَّة" بالواو (?)، أظهر.
فُروع: أحدها: لو تناضلا على رمية واحدة، وشرطا المال للمصيب فيها، ففي صحته وجهان:
أصحهما: الصحة، ووجه الآخر أنه يقع في الرمي اتفاقاً بدفعه، ويصيب الأخرق، ويخطئ الحاذق، ويتفق رميه من غير رامٍ، فلا يَظْهر الحَذَق إلا إذا كان المشروطُ رمَيَاتٍ.
الثاني: إذا رمى أحدُهُما أكثر من النوبة المستحقة له، إما باتفاق منهما أو بإطلاق العقد، لم تحسب الزيادة له، إن أصاب فيها، ولا عليه إن أخطأ.
الثالث: لو عقدا على عدد كبير على أن يرميا كلَّ قومٍ بُكْرَةَ كذا، وعشية كذا، جاز، ولا يتفرقان كلَّ يوم إلا بعد استيفاء العدد المشروط، إلا أن يعرض عذر؛ كمرض أو ريح، عاصفة ثم يرميان على ما مضى في ذلك اليوم أو بعده، ويجوز أن يشترطا الرمي طول النهار، وحينئذٍ فيفيان به ولا يدعان إلا في وقت الطهارة والصلاة والأكل ونحوها، وتقع هذه الأحوال مستثناة كما في "الإِجارات"، ولو أطلقا ولم يبينا وظيفة كل يوم، فكذلك الحكم، ولا يتركان الرْميَ، إلا بالتراضي، أو كان يَعْرِض ما يمنع منه؛ كالمرضِ والريحِ، والمطرِ، والحَرُّ ليس بعذر، وكذلك الريح الخفيفة، وإذا غربت الشمس قبل الفراغ من الوظيفة المشروطة في الليل، لم يرميا ليلاً للعادة إلا أن يشرطا الرمي ليلاً، وحينئذٍ فيحتاجان إلى شمعة ونحوها، وقد يكفي ضوء القمر، هكذا قاله الأصحاب.
ومنها: لا بدّ وأن يرمَي المتناضلان على الترتيب بخلاف المتسابقين يُجْرِيان الفرس معاً؛ لأنهما، إذا رميا معاً، اشتبه الحال، ولم يُعْرف المُصِيب من المخطئ، فإن ذكرا في العقد من يبدأ بالرمْي، اتبع الشرط، وإن أطلقا، فقولان: