وقوله: "إذا العُتُقُ قد تمتد وقد تقصر" لا يَصْلح مانعاً من اعتبار السبق به؛ على ما تبين، ثم عن الشيخ أبي محمد أن التردُّد والخلاف في أن السبق بم يعتبر؟ يختص بآخر الميدان وأما في أوله، فيعتبر التساوي في الأقدام لا غير.

فُرُوعٌ: تتعلق بالسبق: لو سبق أحد المحلَّلَيْن في وسط الميدان، والآخر في آخره، فالسابق الثاني، ولو عثر أحد الفرسين أو ساخت قوائمُه في الأرض، فتقدم الآخر، لم يكن الآخر سابقاً، وكذا لو وقف بعْد ما جرى لمرض ونحوه، فإن وقف بلا علة، فهو مسبوق، ولو وقف قبل أن يجري، لم يكن مسبوقاً، سواءٌ وقف لمرض أو لغير مرض، ولو تسابقا على أنَّ من سبق منهما الآخر باقدام معلومة، فله السَّبَق، حَكَى الأئمة عن صاحبِ "الإِفصاح": أنه يجوز؛ لأنهما يتحاطان ما تساويا فيه، ويجعل السَّبَق، لمن تقدَّم بالقدر المشروط، فهو كشرط المحاطة في المناضلة، وأنه قال: رأيت من أصحابنا من مَنَعَ ذلك، وأبطل العقْد، ولا أعرف له وجهاً، واعلم أن الفرع غير مصوَّر فيما إذا لم يبينا غاية، فقد ذكرنا أنهما إذا شَرَطَا السبقَ لمن سَبَق من غير بيان غاية، لم يجز، ولا فرق بين هذه الصور وبين أن يشترطا التقدم بأقدام معلومة، ولكن التصوير فيما إذا شرطا السبَقَ لمن تقدَّم باقدام معلومة على موضع كذا، والغايةُ في الحقيقة نهايةُ الأقدام المشروطة من ذلك الموضع، لكنه شرط في الاستحقاق تخلف الآخر عنها بالقدر المذكور.

ويُخْتار أن يكونَ في أقصى الغاية قصبةٌ مغروزةٌ ليقتلعها السابق، فيظهر لكل أحد تقدُّمه ويُجرِي المتسابقان الفرسين في وقت واحد.

ومما هو من شروط المسابقة، وقد أهمل ذكره في الكتاب: أن يستبقا على الدابَّتَيْنِ بالركوب، أما لو شرطا إرسال الدواب؛ لتجري بنفسها، فالعقد باطلٌ؛ لأنها تتنافر بالإِرسال، ولا تقصد الغاية بخلاف الطيور، إن جوَّزنا المسابقة عليها؛ لأن لها هدايةً إلى قصد الغاية، وأن يجعلا المسافة بحيث يحتمل الفرسان قطْعَها ولا ينقطعان دونها، فإن كانت بحيث لا ينتهيان إلى غايتها إلا بانقطاع وتَعَبٍ فالعقد باطل.

وأن يكون المالُ المشروط معلوماً، ويجوز أن يكون دَيْناً وثانِ يكون عيناً (?) أو بعضُه هكذا وبعضُه هكذا، وإذا كان دَيْناً، فإِما أن يكون حالاً أو مؤجَّلاً، فلو شَرَطَا مالاً مجهولاً؛ بأن قال: أعطيتك ما شئتُ، أو مَا شئتَ أو شرَطَ ديناراً أو ثَوْباً، ولم يصف الثوب، أو ديناراً إلا ثوباً، فالعقد باطلٌ، وكذا لو شرط ديناراً إلا درهماً، إلاَّ أن يريد قدر الدرهم، وعَرَفا قيمته من الدينار، ولو قال: إن سبقتني، فلك هذه العشرة، وتَرُدُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015