إليَّ صاعاً من طعام، فهو فاسد؛ لأنه شرط عوض على السابق، وهو خلاف موضوع العقد.
ولو تسابقا على قرض في الذمّة، قال فى "البحر": فيه وجهان؛ بناءً على الوجهين في جواز الاعتياض عنه قبل قبضه، وإذا أخرج المال غير المتسابقين، فيجوز إن شَرَطَ لأحدِهما أكْثَرَ مما يشرطه للآخر، وإذا أخرجاه، فيجوز أن يخرج أحدهما أكثر مما يخرجه الآخر، عن صاحب "الحاوي" والصيمريِّ: أنهما، إذا أخرجا، وجب تساوي المالين جنساً ونوعاً وقدراً.
ومن الشروط: التحرُّز عن الشروط المفسدة فلو قال: إن سبقتني، فلك هذه العشرة، ولا أرمي بعد هذا أبداً، أو لا أناضلك إلى شهْرٍ، فعن نصه في "الأم": أن العقد فاسدٌ؛ لأنه شرط ترك قربة مرغَّب فيها، ففسد وأفسد العقد، ولو شرط على السابق أن يطعم السابقُ أصحابَهُ، فسد العقد؛ لأنه تمليك بشرط يمنع كمال التصرف، فصار كما لو باعه شيئاً بشرط ألاَّ يبيعه، وعن أبي إسحاق وجْه: أنه يصح العقد.
وقبوله الإِطعام عدة إن شاء وَفَّى بها، وإلا، فلا (?)، ولأن لا يقع هذا الشرط لا يعود إلى الشارط، فوجوده، كعدمه، ويُرْوَى هذا عن أبي حنيفَة وأحمدَ، وهذا تمام الكلام في النظر الأول.
قَالَ الغَزَالِيُّ: النَّظَرُ الثَّانِي فِي حُكَمْ هَذِهِ المُعَامَلَةِ: وَهِيَ جَائِزَةُ فِي قَوْلٍ كَالجَعَالَةِ، وَلازِمَةٌ فِي قَوْلٍ كَالإِجَارَةِ، وَقِيْلَ: الَّذِي يَغْنَمُ وَلاَ يَغْرَمُ جَائِزٌ في حَقِّهِ قَوْلاً وَاحِداً، ثُمَّ عَلَى قَوْلِ الجَوَازِ لاَ يُشْتَرَطُ القَبُولُ بِالقَوْلِ، وَفِي ضَمَانِ السَّبَقِ وَالرَّهْنِ بِهِ خِلاَفُ كَمَا في الجَعَالَةِ، وَعَلَى قَوْلِ اللُّزُومِ يَجِبُ البِدَايَةُ بِالعَمَلِ لاَ بِتَسْلِيمِ السَّبْقَ، وَيَجُوزُ ضَمَانُةُ وَالرَّهْنُ بِهِ، فَإنْ فَسَدَتِ المُعَامَلَةُ بِكَونِ العِوَضِ خَمْراً رَجَعَ إِلَى أُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي جَمِيعِ رَكْضِهِ لاَ فِي قَدْر السَّبَقِ، وَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ يَرْجِعُ إِلَى قِيمَةِ السَّبَقِ أَوْ أَجْرِ المِثْلِ فِيهِ قَوْلاَنِ كَمَا فِي الصَّدَاقِ، وَقِيلَ: هَهُنَا يُرْجَع قَطْعاً إِلَى أَجْرِ المِثْلِ كَالقِرَاضِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: مقصود النظر الكلام في حكم المسابقة، وفيه قاعدتان:
إحداهما: اختلف قول الشافعيِّ -رضي الله عنه- في عقد المسابقة، أهو لازم أم جائز؟.