والثالث: أنَّ ما يُؤكل نظيره في البر فحلال؛ كالبقر والشاة، يؤُكل في البحر، وما لا يُؤكل كخنزير الماء وكلبِه، لا يُؤكل، قال في "العدة": وعليه الفتوى اليومَ؛ وعلى هذا، فلو لم يكن له نظيرٌ فِي البرِّ محلَّلٌ ولا محرَّمٌ، فهو حلال؛ لما رُوِيَ أن طائفة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أَصَابَتْهُمُ المَجَاعَةُ في غَزَاةٍ، فَلَفَظَ البَحْرِ حَيَوَاناً عَظِيماً يُسَمَّى العَنْبَرَ فأَكَلُوا مِنْهُ، ثُمَّ أَخْبَرُوا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا قَدِمُوا، فَلَم يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: "هَلاَّ حَمَلْتُمْ لِي مِنْهُ" (?) وإذا حكمنا بحل ما سوى السمك من حيوان البحر، فهل يُشترط فيه الذكاة أم تحلُّ ميتته؟ فيه وجهان، ويُقال قولان:

أحدهما: وَبِهِ قال أحمد: يُشْتَرَطَ الذكاة، كما في حيوانات البر.

وأصحُّهُما: أنه يَحِلّ ميتتها؛ لأنها حيوانات تعيش في الماء؛ فأشبهت السمك، وأيضاً، فقد أشار الإمام إلى أن المسقط لاعتبار الذبْح في السمك؛ أنه ما دام في الماء لا تَصِل اليد إليه، وإذا أخرج، اضطِرَب اضطرابَ المذبوح، وهذا يشمل السمكَ وغيرَه، وقد يُبنى الخلاف في اشتراط الذكاة فيما سوى السمك على أنه، هل يقع عليها اسمُ الحوت.

والضربُ الثاني: ما يعيش في الماء ويعيش في البر أيضاً، فمنه طيرُ الماء؛ كالبَطِّ والإِوَزِّ ونحوهما، وقد بينا حكمهما، فلا تحلُّ ميتتُها بحال، وعدَّ الشيخ أبو حامد والإِمامُ مِنْ هذا الضرب الضِّفْدَع (?) والسَّرطان، وكذلك فعل صاحبُ "التهذيب" وألحق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015