الثانية: الحيوانات التي لا يهلكها الماء ضربان:

الأول: ما يعيش في الماء، وإذا خرج كان عيشُه عيشَ المذبوح؛ كالسمك بأنواعه حلالٌ، ولا حاجة إلى ذبحه كما سبق، ولا فرق بين ما مات بسبب طارئ كَضَغْطَةٍ أو صَدْمة حَجَرٍ، أو انحسارِ ماءٍ، أو ضَرْبٍ من الصياد، وما مات حَتْفَ أنْفِه.

وعند أبي حنيفَة: لا يحل ما مات حتفَ أنفه، وبَنَى عليه: أنه لو مات، وبعضه في الماء، فإن كان رأسُهُ خارجاً، حل؛ لأنه مات بانقطاع النَّفَس، وإن كان النِّصفُ الأسفل خارجاً، لم يحلَّ.

لنا: قولُه -صلى الله عليه وسلم- "وَالْحِلُّ مَيْتتهُ" أطلق ولم يفصِّل، وأيضاً، فإنه سلم أن الجرَادَ يُؤكل، وإنْ ما مات حتف أنفه؛ فقيس عليه.

وقال مالكٌ: لا يحِلُّ الجرادُ، إذا مات حتف أنفهُ، وإنما يُؤكل، إذا قطعت رأسُه قطعاً، وسَلم أن السمكَ يُؤكل، وإن مات حتف أنفه، وما ليس على صورة السموك المشهورة، فيه ثلاثةُ أوجهٍ، ويُقال ثلاثةُ أقوال:

أحدها: وبه قال أبو حنيفة أنَّهُ لا يحل؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- خص السمكَ، والجرَادَ بالذكْر؛ حيث قال: "أُحِلَّتْ لَنَا مَيتَتَانِ وَدَمَانِ" فيبقى ما سواهما داخلاً تحْت تحريم الميتة.

وأصحهما: وهو المنصوص في رواية المُزَنِّي، وفي "الأم"، وفي اختلاف العراقيين، وبه قال مالك وأحمد: لا يحل؛ لإِطلاق قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] وقوله -صلى الله عليه وسلم- "الْحِلّ مَيْتتَه" وعن أبي بكر -رضي الله عنه- "كُلُّ دَابَّةٍ تَمُوتُ فِي البَحْرِ، فَقَد ذَكَّاهَا اللهُ لَكُمْ" (?) وقد يُبنَى الخلافُ على أن اسم السمك والحوت، هل يقع على جميعها؛ لاشتراكها في الطعم أو لا يقع؟ قال في "التهذيب": والأصح الوقوع، وعن ابن خيران: أنه قال: أصاب أَكَّارٌ لنا كَلْبَ الماء في ضيعة لنا، فأكلْنَاه، فإذا طَعْمُه طَعْمُ السمك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015