وجْهَيْن في استحبابه. وقال أَبُو حنيفةَ: إنه مكروهٌ. وعن مالك: مِثْلُه.

وفي "البَحْر" أنه رُوِيَ عن بعْضِ السَّلَفِ أنه يقول: تَقَبَّلْ مني كما تقبلت مِنْ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِكَ، ومُوسَى كَلِيمِكَ، وعِيسَى رُوحِكَ، ومُحمّدٍ عَبْدِكَ ورَسُولِكَ -صلوات الله عليهم أجمعين، فإنَّ أصحابَنا قالوا: لا يُكْرَهُ ذلك ولا يُسْتَحبُّ؛ لأنه لا يُسَاوِيهم غيرُهم فيها، لكن يجوز أن يكون المسؤُولُ التشرِيكَ في أَصْل التقبل.

وعن "الحَاوِي" أنه يُخْتَارُ في الأُضْحِيَةِ أن يكبِّرَ الله تعالى قبل التسمية وبعدها ثَلاَثاً ويقول: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبر اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ؛ لأنه في أَيَّامِ التكبير.

الثَّانِيَةُ: قدَّمْنَا أن النيةَ شرطٌ في التضحية وذكروا وجهيْن في أنه إذا عَيَّن الشاةَ وجعلها أُضْحيةً؛ هل يُغْنِيه ذلك عن تَجْدِيد النيةِ عند الذبْح، وبيَّنَّا أن جوابَ صاحب الكتاب أن يغنيه. والوجْهُ أن يحمل قولُه هاهنا ويَنْوِي عند التَّضْحِيةِ.

وإن كان قد عَيَّن الشاةَ على أنه يُسْتَحِبُّ ويحْسُنُ التجديدُ بعد التعْيِين السابِقِ، وإن كان التَّعْيِينُ مُغْنياً عنه.

ولو حُمِل على الوجُوبِ كان ذلك مُنَاقِضاً لقوله مِنْ قَبْلُ.

ولو قال: جعلتُ هذه الشاةَ ضحيةً أغناه ذلك عن تَجْديدِ النِّيةِ عند الذبْح. ثم ذكر صاحبُ الكتابِ هاهنا قاعِدَتيْنِ تتعلقَان بالضحية المعنية. إحداهما فِيما يحصلُ التعْيينُ، ومهما كانت في مِلْكِه بدنةٌ أو شَاةٌ فقال جعلتُ هذه ضحيةً [أو هذه ضحيةً (?)] أو عليّ أن أُضَحِّيَ بها صارت ضَحيةً مُعينةً.

ويجوزُ أن يُعْلَم قولُه في الكتاب "وإنَّما يتعيّنُ" بالحاءِ؛ لما سنذكر أَنَّ عنده يجوزُ إِبْدَالُها بغيرها. وكذا لو قال: جعلتُ هذه هَدَايَا أَوْ هَذا هَدْيٌ أو عليّ أَنْ أهدي به يَصِيرُ هَدْياً، وشرط بعضُهم أن يقولَ مع ذلك؛ لله تعالى.

قال في "التهذيب": والمذهبُ الأولُ، وشبه ذلك بتوجِيه العتق تَنْجِيزاً على العَبْدِ.

قال الإمامُ [تَشْبيهُهُ بتعيين] (?) الشيْءِ للوقْفِ والحبْسِ أقربُ، فإن الضيحةَ لا تخرجُ عن الماليَّةِ وإِنْ تَعيَّنَ كالعَيْنِ المحتبسةِ والعبدُ الذي وجد عليه العتق يخرُجُ عن المالِيَّةِ بالكُلِّية، وهذا لا يسلمه الأَوَّلُونَ، بل صَرَّحُوا بزوال المِلْكِ عن الهدْي [والأُضْحيةِ المعنيَّةِ كما سيأتي إن شاء الله تعالى بتفارِيعه] (?)، وكذلك لو نذر أن يتصدَّقَ بمالٍ بعَيْنهِ- يزولُ مِلْكُه عنه بخلاَفِ ما لو نَذَر إعتاقَ رقبةٍ بعيْنها لا يزول مِلْكُه عنها ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015