على حَقِّ الغَنِيمَةِ" لا إلى الحُكْمِ المذكور قبله، وهو قوله "فيقضي من مَالِهِ الذي لم يَغْتَنِمْ قبل اسْتِرْقَاقِهِ".
قوله: "وكذلك لو سَبَقَ من عليه الدَّيْنُ إلى الإِسلام" مفهومه الظَّاهِرُ ما إذا أَسْلَمَ المستحقُّ عليه، ثُمَّ أَسْلَمَ المستحقّ، فإن أراد هذا المَفْهُوَمَ فَلْيُحْمَلْ. قوله قبل ذلك: "ثم أَسْلَمَا" على ما إذا أَسْلَمَا مَعا، وإلاَّ فهذا دَاخِلٌ فيه، وإن قُدِّرَ أَن الْمُرَادَ ما إذا سَبَقَ للمستحق عليه إلى الإِسلام، وتَخَلَّفَ الآخَرُ فلم يُسْلِمْ وتَرَكَ قوله: "ثُمَّ أَسْلَمَا" على إِطْلاَقِهِ، فهذا مَوْضِعُ الخِلاَفِ، ويجوز أن يُعَلَّمَ بالواو للوجه الآخر.
قال الغَزَالِيُّ: (فَرْعٌ) إِذَا سُبِيَتِ امْرَأَةٌ وَوَلَدُهَا الصَّغِيرُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا فِي البَيْعِ وَالقِسْمَةِ* وَلَوْ تُبِعَتْ مَعَ الجَدَّةِ وَقُطِعَتْ عَنِ الأمِّ، فَفِي الجَوَازِ قَوْلاَنِ* وَالجَدَّةُ فِي مَعْنَى الأُمِّ عِنْدَ عَدَمِهَا* وَالأَبُ هَلْ هُوَ فِي مَعْنَاهَا؟ قَوْلاَنِ* وَهَلْ يَتَعَدَّى التَّحْرِيمُ إِلَى سَائِرِ المَحَارِمِ؟ قَوْلاَنِ.
قال الرَّافِعِيُّ: إذا سبيت امْرَأَةٌ وَوَلَدُهَا الصَّغِيرُ، لم يُفَرِّقِ الإِمَامُ بينهما في القِسْمَةِ، بل يُقَوِّمُهُمَا، فإن وَافَقَتْ قِيمَتُهُمَا نَصِيبَ وَاحِدٍ من الغَانِمِينَ جعلهَما لواحدٍ، وإلاَّ اشتركَ اثنان فيهما أو باعهما، وجعل ثمنهما في المَغْنَمِ، وقد ذكرنا في "البيع" بعض الأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ في تحريم التَّفْرِيقِ، فإن فَرَّقَ بينهما في القِسْمَةِ، ففي صِحَّتِهَا قَوْلاَنِ، كما قَدَّمْنَا في "البيع"، وإذا قلنا: لا يَبْطُلُ، ففي "الحاوي" أَنَّ المُتَبَايِعَينِ لا يقرَّانِ على التفريق، ولكن يُقَالُ لهما: إِنْ تَرَاضَيْتُمَا بِبَيْعِ الآخر ليجتمعا في المِلْكِ فذاك، وِإلاَّ فَسَخْنَا البَيْعَ.
وفي كتاب القاضي ابْنِ كجٍّ أنْ يُقَالَ للبائع: إمَّا أَن تَتَطَوَّعَ بتسليم الأَجْرِ، أو يُفْسَخَ المَبِيعُ، فإن تَطَوَّعَ بالتسليم، فامتنع المشتري من القَبُولِ، فُسِخَ البيعُ.
فإن رَضِيَتِ الأمُّ بالتفريق، فعن رِوَايَةِ ابْنِ القَطَّانِ، والقاضي الطَّبَرِي وجه: أَنَّهُ يَرْتَفِعُ التَّحْرِيمُ، والأَصَحُّ خلافه رِعَايَةً لِحِقِّ الوَلَدِ، والجدَّةُ أم الأُمِّ عند عَدَم الأُمِّ كالأمِّ، فلو كان له أُمٌّ وَجَدَّةٌ، فبِيعَ مع الأُمِّ، انْدَفَعَ المَحْذُورُ، ولو بِيعَ مع الجَدَّةِ، وقُطِعَ عن الأُمِّ، فهل يَرْتَفِعُ التحريمُ؟. نقل الإِمَامُ فيه قَوْلَيْنِ، والأَشْبَهُ منهما المَنْعُ، وهل الأب كالأم في تَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ؟ فيه قولان، ويقال: وجهان،
أظهرهما: نعم؛ لأنَّهُ أَحَدُ الأَبَوَيْنِ، وقد روي عن عُثْمَانَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ لا يُفَرَّقُ بين الوَالِدِ وَوَلَدِهِ (?).