البيضة ونحوها، وذلك جواب منهم على ظاهر المذهب، وإلا فالنجاسة مستترة هاهنا أيضاً خِلْقَة، ويجوز أن يجعل منافذ الحيوان فارقاً -والله أعلم-.

وقوله: في مسألة حمل الطير: (لأنها مستترة خلقة) ظاهر اللفظ إنما هو التعليل بمجرد الاستتار خلقة، ولو كان كذلك لوجب أن لا يقع التردد في البيضة لوجود العلة، لكن في الحيوان وجد أمران الاستتار الخِلقي، وكونه [في] (?) باطن الحيوان، فكأن بعضهم جعل العلة مجموع الأمرين، ومنع من حمل البيضة، وبعضهم اكتفى بالوصف الأول، وجوز حمل البيضة، فإذًا قوله: (لأنها مستترة خلقة) إشارة إلى الوصف الذي لا بد منه، ثم يبقى الكلام في أنه مؤثر وحده، أو مع شيء آخر، وأراد بالبيضة المذكورة التي صار حشوها دماً، وإلا فهي كالملح المنتن، وهو طاهر.

وقوله: القارورة المصممة الرأس، يعني بالصفر والنحاس وما أشبه ذلك، أما التصميم بالخرقة ونحوها فلا يغني كَلَفِّ النجاسة في الخرقة، والشمع عند بعضهم كالخرقة، وألحقه القاضي ابن كج بالرصاص.

قال الغزالي: (الثَّانِيَةُ) يُعْذَرُ مِنْ طِينِ الشَّوَارعِ فِيمَا يَتَعَذَّرُ الاحْتِرَازُ عَنْهُ غَالِبًا، وَكَذَا مَا عَلَى الخُفِّ فِي حَقِّ مَنْ يُصَلِّي مَعَهُ.

قال الرافعي: طين الشوارع ينقسم إلى ما يغلب على الظن اختلاطه بالنجاسات، وإلى ما يستيقن، وإلى غيرهما، فأما غيرهما فلا بأس به، وأما ما يغلب على الظن اختلاطه بالنجاسات، ففيه قولان: سبق ذكرهما في باب الاجتهاد، وأما ما تستيقن نجاسته فيعفى عن القليل منه؛ لأن الناس لا بد لهم من الانتشار في حوائجهم، وكثير منهم لا يملك إلا ثوباً واحداً، فلو أمروا بالغسل لَعَظُمَ العناء والمشقة، وأما الكثير فلا يعفى عنه كسائر النجاسات، والقليل هو الذي يتعذر الاحتراز عنه، والرجوع في الفرق بينه، وبين الكثير إلى العادة، ويختلف الأمر فيه بالوقت وبموضعه من البدن، وذكر الأئمة له تقريباً. فقالوا القليل المعفو عنه؛ هو الذي لا ينسب صاحبه إلى سقطة، أو نكبة، أو قلة تَحَفُّظٍ، فإن نسب إلى شيء من ذلك فهو كثير.

وقوله: (ويعذر من طين الشوارع) أراد به القسم الثالث: وهو المستيقن النجاسة على ما صرح به في "الوسيط"، ثم الذي يغلب على الظن نجاسته في معناه إن فرعنا علي العمل بالغالب.

وأما قوله: (وكذا ما على الخف في حقْ من يصلي معه) فاعلم أولاً أن أصحابنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015