صحت صلاته، ولا نظر إلى ما في بطنه من النجاسة؛ لأنها في معدنها الخلقي، فلا يعطى لها حكم النجاسة، كما في جوف المصلي، وما قدمناه من الفرق بين المصلي والمحمول ينقدح هاهنا، لكن روي: "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- حَمَلَ أُمَامَةَ بنْتَ أَبِي الْعَاصِ فِي صَلاتِهِ، وَهِيَ بِنْتُ بنْتِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- زَيْنَبُ" (?)؛ فلذلك قلنا بالصَحة، وهذا إذا كان الحيوان المحمول طاهر المنفذ، فإن لم يكن فهو جزء طاهر تنجس بما يخرج من النجاسة، فهل تصح الصلاة؟ فيه وجهان:

أظهرهما: عند المصنف: أنها تصح، ولا مبالاة بذلك القدر اليسير.

والثاني: لا تصح، كما لو كان جزء آخر منه نجساً، وهذا أظهر عند إمام الحرمين، ولم يورد في "التتمة" سواه.

والوجهان جاريان فيما لو وقع هذا الحيوان في ماء قليل، أو مائع آخر، وخرج حيًّا هل يحكم بنجاسته؛ لنجاسة المنفذ؟ لكن الظاهر ثم العفو، لأن الحمل لا تعرض الحاجة إليه إلا على سبيل الندور، وصيانة الماء وسائر المائعات عنها مما يشق، وأيضاً فإن الطيور لم تزل تَغُوص في المياه الكثيرة والقليلة، وكان الأولون لا يحترزون عنها.

ولو حمل بيضة صار حشوها دماً، وظاهرها طاهراً، ففي صلاته وجهان، حكاهما القفال، وغيره:

أحدهما: تصح صلاته، كما لو حمل حيواناً طاهراً؛ لأن النجاسة في الصورتين مستترةٌ خلقة.

وأظهرهما: أنها لا تصح، كالنجاسات الطاهرة إذا حملها، بخلاف باطن الحيوان؛ لأن للحيوان أثراً في درء النجاسات، ألاَ ترى أنها إذا زالت نجس جميع الأجزاء، وأما البيضة فهي جماد، ويجري هذا الخلاف فيما إذا حمل عنقود استحال باطن حياته خمراً، ولا رشح على ظاهرها، وكذلك في كل استتار خِلْقِي.

ولو حمل قارورة مصممة الرأس بصفر ونحوها، وفيها نجاسة، فظاهر المذهب -وهو المذكور في الكتاب-، أن صلاته تبطل؛ لأن استتار النجاسة هاهنا ليس بخلقي، بخلاف البيضة والحيوان، وعن أبي علي بن أبي هريرة أنها تصح؛ لأن النجاسة باطنة لا يخرج منها شيء فأشبهت ما في البيضة، وباطن الحيوان.

ولو حمل حيواناً مذبوحًا بعد غسل الدم عن موضع الذبح، فالذي قاله الأئمة أن الصلاة باطلة، بخلاف الحمل في حال الحياة، ولم يذكروا هاهنا الخلاف المذكور في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015