بعض الأصحاب فيما حُكَى عن القاضي الرويانيِّ: أن الأم الذمِّيَّةَ أحقُّ بالحضانة من الأب المسلم، إلى أن يبلغ المولودُ سَبْع سنين، ثم الأبُ بعد ذلك أوْلَى قال الأصحاب: والمذهبُ الأولُ، والخبَرُ منسوخٌ، أو محمُولٌ على أنه -صلى الله عليه وسلم- عَرَفَ أنه يُستجابُ دعاؤهُ، وأنه يختار الأب المسلم، وقصد بالتخيير استمالة قلْبِ الأم، وعلى المذهَبَيْنِ تكون الحضانة لأقاربه المسلمين على ما يقتضيه الترتيب، فإن لم يوجد حد، فحضانته على المسلمين، والمؤنةُ في ماله، فإن لم يكن له مالٌ، فعلَى أمه، إن كانت موسرةً، وإلا، فهو من معاويج المسلمين، ووَلَدُ الذِّمِّيِّينَ في الحضانة كولد المسلمين، فالأم أحق بها, ولو وصف صبيٌّ منهم الإسْلاَمَ، نُزعَ من أهل الذمة، ولم يمكنوا من كفالته (?) صحَّحْنا إسلامه أو لم نُصَحِّحه احتياطاً للإسلام، والطفل الكافر هل يثبت لقريبه المسلم حقُّ حضانته؟ قال في "التتمة": الصحيح (?) مِنَ المذهب ثبوتُهُ، وفيه نَظَرٌ له، فقد تصير تربية المسلِمِ سَبَباً لإسلامه، وفيه وجْهٌ آخَرُ بناءً عَلَى أن القريب الذي لَيسَ بوارث لا حضانة له.

قال: ويجري هذا الخلاف فيما إذا جُنَّ الذميُّ، وله قريبٌ مسلمٌ، هل يثبت له حقُّ الحضانة؟

والثاني: أن تكون عاقلةً، فالمجنونة لا حضانَةَ لها؛ لأن المجنون لا يتأتى منه الحفْظُ والتعهُّدُ، بل هو في نفسه محتاجٌ إلَى مَنْ يحضنه، ولا فَرْقَ بين أن يكون الجنونُ مطبقاً أو منقطعاً، إلا إذا كان لا يقع إلا نادراً، ولا تطول مدته، كيوم في سنين مثلاً، فلا يبطل الحقُّ، بل هو كمرض يطرأ (?) ويزول، والمرضُ الذي لا يرجَى زواله، كالسل والفالج، إن كان بحيث يُؤْلمه ويشغله الألم عن كفالته وقد بين أمْرِهِ، يسقط حقُّ الحضانة، وإن كانَ تأثِيرُه في تعسر الحركة والتصرُّف، فكذلك في حقِّ مَنْ يباشر الكفالة بنفسه دُونَ مَنْ يدبِّر الأمور ويباشرها غيره (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015