والثالث: أن تكون حرَّةً، فلا حضانة للرقيقة؛ لأن منفعتها للسَّيِّد، وهي مشغولة به، غير مُتَفرِّغَة للحَضَانة، ولأنها نوع ولاية واحتكامٍ بالحفظ والتربية، والرقيق لا ولاية له، وإن أذن السَّيِّد.
ثم يُنْظَرُ؛ إن كان الولَدُ حُرّاً فحضانته لِمَنْ له الحضانة بعْد الأم مِنَ الأب وغيره، وإن كان رقيقاً، فحضانته على السيِّد، وهل له نزعه مَن الأب وتسليمه إلى غيره؟ فيه وجهان بنَاءً عَلَى القولَيْنِ في جواز التفريق، ولو كانت الأمُّ حُرَّةً، والولدُ رقيقاً، كما لو سُبِيَ، الولد ثم أسْلَمَتِ الأمِّ أو قبلت: الذمة، فكذلك حضانته للسيد وفي الانتزاع منْها الخلافُ، والمدبرة والمُكَاتَبَةَ والمُعْتَقُ بعْضُها لا حَضَانَةَ لَهُنَّ كالقنة.
نعَمْ، وَلَدُ المكاتَبة، إذا قلنا: هو إنها تستعين به في الكتابة، فَيُسلَّم إليها؛ [لا] لأن لها ولايَةَ الحضانة، [لكن الحقَّ لها] (?) وولَد أُمِّ الوَلَدِ منَ الزَّوْج أو الزنا حُكْمه حكم الأم يُعْتَق بموت السيِّد، وحضانته للسيِّد مدةَ حياته، وهل لها حق الحضانة في وَلَدِها من السَّيِّد؟ فيه وجهان:
الصحبح المشهور، وهُوَ الذي أورده الشيخ أبو عليٍّ -رحمه الله-: المنع؛ لنقصانها بالرِّقِّ، وعن الشيخ أبي حامِد: أن لها الحضانةَ إلى سَبْع سنين، ثم السيد أوْلَى بالولد بعْد السبع، قال القاضي الرويانيُّ: والمصلحة الفَتْوَى بما ذكره، وإن كان الصحيحُ الأوَّلَ، ولا حضانة لِمَنْ بعضها رقيقٌ أيضاً؛ لنقصانها, ولو كان نصْفُ الولد حرّاً، ونصفه رقيقاً، فنصف حضانته للسيد، ونصْفُها لمَنْ يلي حضانته من أقاربه الأحْرَارِ، فإن اتفقا على المهايأة، أو على استئجار من تحضنه، أو رضي أحدهما بالآخر، فذاك، وإن تمانَعَا، لم يضيع واستأجر الحاكم من تحضنه، وأوجب المؤنة على السيد وعلى من تقتضي الحال الإيجاب عليه.
والرابع: أن تكون أمينة، فلا حضانة (?) للفاسقة؛ لأن الفاسق لا يلي، ولأنها لا يُؤْمَنُ أن تخون في حفظه، ولأنه لا حَظَّ له في حضانتها؛ لأنه ينشأ على طريقتها.