فَقَال النَبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَنْتِ أَحَقُّ به مَا لَمْ تَنْكِحِي" (?) ومؤنة الحضانة على الأب؛ لأنها من أسباب الكفاية كالنفقة، وفي "أمالي أبي الفرج" -رحمه الله- وجْهٌ: أنه ليسَ للأمِّ طلَبُ الأجرة بعْد الفطام (?)، وأمَّا أجْرَةُ مدة الرضاع، فقد سبق الكلامُ فيها، وفي الباب فصلان:
أحدهما: في صفات من تَحْضُنُ ويُحْضَن، والحضانة لا تخْتصُّ بالإناث، لكنَّهن الأصْلُ فيه؛ ولذلك أتت في ترجمة الفَصْل، فقال: "في صفات الحاضنة".
والثاني: في بيان المستحقِّين للحضَانَةِ وتربيتهم:
أَما الفَصْلُ الأَوَّل: فقوله في الكتاب: "فالأم أَوْلَى من الأَب" معادٌ مِنْ بَعْدُ، وليس الغرض الآن الكلام في الترتيب، لكنِ الأُمُّ أَوْلَى الأقارب بالحضَانة، فَتَكلَّم في الصفات المعتبرة فيها، ويقاس بما يعتبر فيها ما يعتبر في غيرها، واعلم أن أبوَيِ الطفل، إن كانا مجتمعَيْنِ على النكاح، فيكون الطفل معهما، يقومان بكفايته الأبُ بالإنفاق، والأُمُّ بالحَضَانَةِ والتَّرْبية، وإنْ وَقَع بينهما فراقٌ بفسخ أو طلاق، فالحضانةُ للأُمِّ، إن رغبتْ فيها كما نطق به الخَبَر، لكنَّ استحقاقها بشروط:
أحدها: أن تكون مُسْلِمَةٌ، إذا كان الولَدُ مُسلِماً، فالكافرةُ لا حَضَانَةَ لها على الولَدِ المُسْلم، بإسلام أبيه؛ لأنه لا حظ له في تربية الكافرة؛ لأنها تفتنه، وهو ينشأ على ما يألفه منها؛ ولأنه لا ولاية للكافر على المسلم، وعن أبي سعِيدِ الإصطخريِّ: أنه يثبت للكافرة حقُّ الحضانة، احتجاجاً بما رُوِيَ أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- "خَيَّرَ غُلاَماً بَيْنَ أَبيهِ المسْلِمِ وَأُمِّهِ المُشْرِكَةِ، فَمَالَ إلى الأُمِّ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ، اهدِهِ، فمال إلى الأب" (?)، وعن