قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الإِحْرَامِ وَطَلَّقَ قَبْلَهُ لَمْ تُحْرِمْ* وَإِنْ أَحْرَمَتْ بِعُمْرَةٍ أَوْ بِحِجٍّ* وَهِيَ فِي البَلَدِ وَقَبْلَ تَأْخِيرِ الْحَجِّ فَفِي وُجُوبِ التَّأْخِيرِ تَرَدُّدٌ لِمَا في مُصَابَرَةِ الإِحْرَامِ مِنَ العُسْرِ* وَمَنْزِلُ البَدَوِيَّةِ مَسْكَنُهَا فَلاَ تُفَارِقُ إلاَّ إِذَا رَحَلُوا* فَإِنْ رَحَلَ أَهْلُهَا وَهِيَ فِي أَمْنٍ لَوْ أَقَامَتْ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ إِذ مُفَارَقَةُ الأَهْل تَعْسُرُ* وَلَوْ رَحَلَتْ مَعَهُمْ وَأَرَادَتِ المُقَامَ بِقَرْيَةٍ جَازَ بِخِلاَفِ البَلَدِيَّةِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: السفر فيه مسألتان:
إحداهما: لو أذِنَ لامرأته في الإحرام بحَجِّ أو عمرة، ثم طلَّقها قبْل الإحرام، فلا تُحْرِم، ولا تنشئ السفر بعْد لزوم العدَّة، ولو أحرمتْ، فهو كما لو أحرمَتْ بعْد الطلاق من غير تقدُّم الإذن، وحكمه: أن لا يجوز لها الخُرُوج في الحال، وإن كان الحجُّ فرضاً بل تقيم وتعتدُّ؛ لأن لزوم العدة سبق الإحرام، فإذا انقضت العدَّة، أتمت عمرتها، إن كان الإحرام بعمرة، وكذا حكْم الحج، لو بقي وقته، وإن فات، تحلَّلت بعمل عمرة، وأراقت دماً، وقفت ولو أحرمت أوَّلاً، إما بإذن الزوج أو غير إذنه، ثم طلَّقها، فإن كانت لا تخْشَى فوات الحج، لو أقامت، اعتدت أولاً أو كان الإحرام بعمرة، فوجهان، وهو المذكور في "المهذب" أنه يلزمها أن تعتدَّ هناك أوَّلًا [و] (?) تؤخِّر الخروج لأداء النسك؛ لأنه أمكن رعايةُ الحَقَّيْن، فلا يجوز إسقاط أحدهما.
وأظهرهما، وهو الذي أورده الشيخ أبو حامد والأكثرون: تتخير بين أن تعتد أولاً وبين أن تخْرُج في الحال؛ لأداء النسك؛ لأن مصابرة الإحرام عَسِرَةٌ، وقد تزداد مشقة الانصراف من الطريق، وإن كانت (?) تخشى فوات الحج؛ لضيق الوقْت فتخرج إلى الحج معتدةً؛ لأن الإحرام سَبَقَ وجُوب العدة؛ ولأنها إذا خرجَتْ، حَصَل الحج، وانقضت العدة، وإن أخلت صفة الوقوع في المسكن، ولو اشتغلت بالاعتداد هناك فات، أصل الحج.
وعن أبي حنيفة: أنَّها تقيم وتعتدُّ ولا تخرج للنسك بحال.
الثانية: منزل البدوِيَّة وبيتها من صوف أو شعر كمنزل الحضرية من طين وحجر، فإذا لزمتها العدَّة فيه فعليها ملازمته ثم إن كانت البدويَّة مِنْ حيٍّ نازلين على ما لا ينتقلون عنه، ولا يظعنون إِلاَّ لحاجة، فهي كالحضرية منْ كلِّ وجه، وإن كانَتْ من حيّ ينتقلون عنْه شتاءً أو صيفاً، فإن ارتحلوا جميعاً، ارتحلت معهم؛ للضرورة وإنِ ارتحل بعْضُهم، نُظِر؛ إن كان أهلها ممن لم يرتحل، وفي الذين لم يرتحلوا قوةٌ وعددٌ، فليس