لها الارتحال، وإن كان أهْلُها ممن يرتحل، وفي الباقين قوةٌ وعددٌ، فوجهان:
أحدهما: أنه ليس لها الارتحال، وتعتد هناك لتيسره (?).
وأصحهما: أنها تخيَّر بيْن أن تقيم وبيْن أن ترتحل؛ لأن مفارقة الأهل عَسِرة موحِشَةٌ، ولو هرب أهْلُها، خوفاً من عدوٍّ ولم ينتقلوا، ولم يكُنْ لها خوفٌ، لم يجز لها الارتحال، وسيعود المرتحلون عن قريب إذا أمنوا، ولو ارتحلتْ حيث يجُوز بها الارتحال، ثم أرادت المقام بقَرْية في الطريق والاعتداد فيها، جاز؛ فإنه أحسن من السَّيْر والانتقال، وأليق بحال المعتدة، وتخالِفُ البلديةُ المأذونةَ في السفر لا يجوز لها الإقامة ببعض القرى في الطريق؛ لأنَّها ساكنة متوطِّنة، والسفر طارئٌ عليها، فتعتد في الوطَن أو المقصد، وليس لأهل البادية مقْصد، ولا إقامة محقَّقة؛ [و]، (?) لذلك لم تُوظَّفْ عليهم الجمعة.
فرْع: لو طلَّق زوجته أو مات عنها، وهْي في سفينة، فإن ركبتها مسافرةً، فحُكْم السفر ما مرَّ؛ وإن كان الرجل ملًاحاً، ولا منزل له سوى السفينة، فإن كانت السفينة كبيرةً فيها بيوتٌ متميزةُ المرافق، اعتدَّت في بيْت منها معتزلةً عن الزوج، ويسكن الزوج بيتاً آخَرَ، وكانَتْ هذه السفينةُ كدارٍ فيها حُجَرٌ مفردةُ المرافق، وإن كانت صغيرةً، نُظِر؛ إن كان معها مَحْرَمٌ لها يمكنه أن يعالج السفينة، خرج الزوج واعتدت هي فيها، وإلا، فتخرج وتعتد في أقرب المواضع إلى الشَّطِّ، فإذا (?) تعذَّر خروجها أو خروجه، فعليها أن تتستر، وتبعد عنه بحسب الإمكان، هذا ما أورده صاحب "التهذيب" و"الشامل" وغيرهما -رحمه الله-، وفيه إشْعَار بأنه لا يجوز لها ابخروج من السفينة، إذا أمكن الاعتِدَاد فيها، وقد نصَّ عليه ناصُّون، ونقل القاضي الرُّويانيُّ: أنها تتخيَّر بين أن تعتدَّ في السفينة وبين أن تخْرُج، فتعتد خارِجَها، فإن اختارت الاعتداد في السفينة، فحينئذ يُنْظَر في السفينة، أهِيَ كبيرةٌ أم صغيرةٌ؟ ويراعى التفصيل (?) المذكور، وذكر فيما إذا اختارت الخروج وجهَيْن، في أنها أين تعتد؟ وأظهرهما، وبه قال الماسرجسي: أنَّها تعْتدُّ في اْقرب القُرَى إلى الشطِّ. والثاني عن أبي إسحاق: أنها تعتدُّ في أي موضع شاءت، والله أعْلَم.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ كَانَتْ فِي دَارٍ أُخْرَى فَقَالَتْ: لاَ أَنْتَقِلُ فإِنِّي انْتَقَلْتُ بالإِذْنِ فَأَنْكَرَ فَالقَوْلُ قَوْلُهُ* وَإِنْ جَرَى الخِلاَفُ مَعَ الوَرَثَةِ فَالقَوْلُ قَوْلُهَا إِذْ وُجُود الانْتِقَالِ يُقَوِّي جَانِبَهَا