مدَّة، ولزمتها العدَّة قبل تمام المدة، هل لها إدامة الاعتكاف إلى تَمَام المدَّة، أو يلزمها الخروج، لتعتد في المَسْكن؟ فإن لم يلزمْها الخُرُوج، فخرَجَت، بَطَل اعتكافها، ولم يكن لها البناء عليْه، إذا كان منذوراً، وإن ألزمناها، فيبطل بالخروج أو يجوز البناء عليه؟ فيه خلاف مذكور في الاعتكاف، والظاهر جواز البناء، ومنْهم مَنْ يبنى الخلاَف على جواز البناء، إن جاز، فعليها الخروج، وإلا، فإبطال العبادة علَيْها كإبطال أهبة السفر، وإن حدَثَ سببُ وجوب العدَّة في سفر النزهةِ قبْل البلوغ إلى المقصد، فحيث قلْنا في سفر الحاجة: يجب الانصراف، فهاهنا أوْلَى، وإذا قلنا: لا يجب، فهاهنا وجْهان وعن القَفَّال؛ بناؤهما على القولَيْن في أنه هل يجوز استيفاء المدَّة المقدَّرة؟ إن جوَّزناه، لم يجب الانصراف من الطريق، وإلاَّ، وجب، [و] هذه الطريقة هي التي أوردها في الكتاب، ويجوز أن يُعْلَم قوله "وكذلك في وجوب الانصراف عن الطريق" بالواو؛ لأن منهم مَنْ يقطع بأنه لا يجب كما في سَفَر الحاجة، وكذلك أورده صاحب "الشامل" ثم سفر الزيارة كسفر النزهة في ظاهر النَّصِّ، ومنْهم مَنْ يُلْحقه بسفر الحاجة، ثم إذا انتهت مدة جواز الإقامة، فعليها الانصراف في الحال، إن لم تنْقَض مدة العدَّة، بتمامها؛ لتعتد بقيَّة العدَّة في المسكن، فإن كان الطريق مخوفاً أو لم تجدْ رفقة، فتعذر في التأخر، وإذا علمت أن البقيَّة تنْقَضِي في الطريق، ففي لزوم العَوْد وجهان:

أحدهما، ويُحْكى عن أبي إسحاق، واختيار القَفَّال: [المنع؛] (?) لأنَّها لا تَقْدِر على العدَّة في المسكن، والاعتدادُ وهي مقيمة، أوْلَى من الاعتداد، وهي سائرة.

وأظهرهما، وهو نصه -رضي الله عنه- في "الأم": أنه يلزمها العَوْد؛ لتكون أقرب إلى المسكن، وأيضاً، فتلك الإقامة غير مأذونٍ فيها، والعَوْدُ مأذونٌ فيه، وهذا كلُّه فيما إذا أذِنَ لها في السفر، فأما إذا خرَجَت مع الزوج، ثم طلَّقها أو مات، فعَلَيها الانصراف، ولا تقيم أكثر من مدة المسافرين (?)، إلا إذا كان الطريق مخوفاً أو لم تَجِدْ رُفْقة، وعلَّله في الكتاب بأنَّها إذا خرَجَتْ مع الزوج، خَرَجَت بأهبته، فلا يبطل عليها أهبة السفَرِ، وآخرون منْهم صاحب "التتمة": بأن سفرها كان بسفره، وقد انقطع سفَرُها بانقطاع سفَرِه أو زال سلطانه عنها، فيلزمها العَوْد إلى المسكن. هذا إذا كان سفره لغرض نفسه واستصحبها ليستمتع بها فأما إذا كان السفر لغرضها وخرج الزوج بها، فليكن الحُكْم كما ذكرنا فيما إذا أذِنَ لها، فخرجَتْ، وفي نَظْم "المختصر" ما يشعر بذلك والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015