سابِقٍ علَيْه مُتقدِّم على النكاح أو غيرُ متَقَدِّم، ووجوب الحدَّ في الزنا المتقدِّم على اللعان أظهر؛ لمصادفته حال الحصانة، وسواء قُلْنا بالحد أو التعزير، فليس له إسقاطُه باللعان؛ لارتفاع النكاح بالأول، ولا لعان بالقَذْف بعد البينونة، إذا لم يَكُن ولَدٌ وإن قذفها أجنبي فعليه الحد، سواءٌ قَذَفَ بتلك الزنية أو بغيرها، وأَثَرُ اللِّعَان يختص بالزَّوْج كما تكَرَّر، وقيل: إن قَذفَها بتلْك الزنية، ففيه خلافٌ، والظاهر وجوب الحَدِّ، ولا فرق في الزوج والأجنبي بيْن أن يكون هناك وَلَدٌ نفاه باللعان وبين أن لا يكون، ولا إذا نفاه، بيْن أن يبقى أو يموت، وعند أبي حنيفة: إن كان هناك وَلَدٌ قد نفاه [وهو حَيٌّ،] (?) فلا حَدَّ على قاذِفها، وإن لم يَكُنْ ولدٌ أو لم يَنْفِهِ أو ماتَ، وجَب الحَدُّ على الأجنبي، إذا قذَفَها بغَيْرِ تلْك الزنية، واحتج الأصْحَاب بما رُوِي أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- (?) فَرَّق بين المتلاعنَيْن، وقضى بأن لا تُرْمَى ولا ولدها، فمَنْ رماها أو رَمَى ولدها، فعليه الحَدُّ، أطْلَقَ ولم يُفَرِّق، هذا كلُّه فيما إذا قذف زوجته، ولاَعَنَ ثم قذف، وأمَّا إذا قذفها ولم يُلاَعِنْ، فحُدَّ حَدَّ القذف، ثم قذفها بتلْك الزنية، لم يُحَدَّ؛ لأنه ظَهَر كذبه بالحَدِّ الأول، وُيعَزَّر تأديبًا؛ لما فيه من الإيذاء، وقد سبق أنه لًا يُلاَعن؛ لإسقاط مثل هذا التعزير على الظاهر، وإن قذفه بزنية أخرى، فيُعَزَّر أو يُحَدُّ؟ فيه وجهان، قال فى "التهذيب": أصحهما: الأول، وقال أبو الفرج الزاز: الأصحُّ الثاني؛ لأن كَذِبَه في القَذْف الأول لا يُوجِب الكَذِبَ في الثاني، فلا بُدَّ من الحدِ، لِدَفْعِ العار، وَهَلْ يُلاَعِنُ لإسقاط عقوبة الحَدِّ أو التعزير؟ فيه وجهان:

أصحُّهما: لاَ؛ لظهور كذبه بالحد، ولو قَذَفَها أجنبيٌّ، إما بذلك الزنا أو غيره قال أبو الفرج: يلزمه الحدَّ؛ لأن زناها لَمْ يَثْبُت بحال، فهو كما لو قَذَفها أجنبيٌّ، فحُدَّ ثم قذَفَها آخر. وقوله في الكتاب "لو لاعن ثم أبانها وقَذَفَها بتلْك الزنية فلا حد، وعليه التعزير، ولا لِعَان" يشمل بإطلاقه مما إذا لاَعَنَتْ هي، ومما إذا لم تلاعن، وهو مُجْرى على إطلاقه؛ فلا فَرْق في تلك الزنية بيْن الحالَتَيْن، كما تبيَّن أنَّ الكَلاَم في القَذْف بزنية أخرى. وقوله "وجب الحد على الصحيح" يمكن أن يريد مِنَ الطريقين، ويمكن أن يريد من الوَجْهَيْن؛ جوابًا على أشهر الطريقين، وعلى التقدير الثاني يجوز أن يُعْلَم بالواو.

وقوله "وإن كان القذف من أجنبي، فإيجابُ الحدَّ أَوْلَى" يشعر بإثبات الخلاف في صورة الخلاف في الزوج بالترتيب، وأكثرهم ساكتون عن ذكر الخلاف في الحالة الثَّانِيَة، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015