وإن قَذَفَها أجنبيٌّ، نُظِرَ؛ إن قذفها بزنية أخرى (?)، فعليه الحد، وإن قذفها بالزنية الأولى (?)، فوجهان:

أحدهما: لا يجب الحدَّ؛ لأنه قَذْفٌ بزنا هي محدودة فيه، فأشبه ما إذا حدث بالبينة؛ ولأن اللعان من الزوج ونكولها من اللعان؛ إما أن يُجْعَل كالبينة، أو كإقرارها، [و] (?) على التقديرين، فما يَنْبَغِي أن يجب الحَدُّ.

وأصحهما، ويُحْكَى عن ابن سلمة: أنه يجب؛ لأن اللعان حجة تختص بالزوج، فيؤثر في سُقُوط الحصانة بالإضافة إلى الزوج خاصَّة، ونَسَب ناسِبُون، منْهُم الشيخ أبو حامدٍ، وصاحب "التهذيب"، -رحمهم الله- وجْه المنع إلى ابن سُرَيْج، والوجوب إلى أبي إسحاق -رحمهما الله- عكس القاضيان أبو الطيب والرُّويانيُّ وغيرهما النِّسْبة إلى الإمامين، والعكس أثبت، وحكى القاضي ابن كج: أن منْهم مَنْ خَرَّج ما إذا قذفها بغَيْر تلْك الزنية على الخلاف أيضاً.

الحالة الثالثة: إذا لاعَنَتْ في معارضة لِعَانِ الزوج، ثم قَذَفها مرةً أخْرَى، فإن قذف بتلك الزنية أو أطلق، ليس عليه إلا التعزير، وإن قذفها بزَنْيَةٍ أُخرَى، فطريقان:

أشهرهما: أنَّ فيما عليه وجْهَيْن:

أحدهما: ليس علَيْه إلا التعزير؛ لأن اللعان في حَقِّ الزوج كالبينة، فيسقط الحصانة في تلْك الزنية وغيرها.

والآخر: أن الواجِبَ الحَدُّ كما لو قذف أجنبية، واللعان إنما يُسْقِطُ الحَصَانة، إذا لم يعارضْه لعانها، فإذا عارَضَه، بَقِيَتْ الحصانة بحالها على أن اللعان حُجَّةٌ ضعيِفةٌ، فيختص أثرها بتلْك الزنية، كما يختص بالزوج، ومنْهم من يَحْكي بدل الوجهَيْن قولَيْن، وعن القَفَّال، -وذكر من أصحابه الشيخان أبو علي والصيدلاني- أن وجوب الحَدِّ هو قوله القديم.

والثاني: القَطْع بوجوب الحدَّ، ويُرْوَى ذلك عن ابن سُرَيْج -رحمهم الله- والمثبتون للخلاف مِنْهُم مَنْ رَجَّح (?) وجوب التعزير دون الحد، ومنهم القاضي أبو الطيب، وتابعهم صاحب "التهذيب" والقاضي الرُّوَيانيُّ، ومنهم من رجَّح وجوب الحَدِّ، منهم الشيخ أبو عليٍّ وصاحب "التتمة" وهو الذي أورده ابن الصَّبَّاغ، وكأنه أقْرَبُ، والخلاف على ما ذكره المتولِّي مُطَّرِدٌ في القذف بزنا آخر متأخَّرٍ عن اللعان، وبزنًا آخَرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015