عفَتْ، فلا يلاعن؛ لحصول الفراق وفوات سائر أغراض اللعان، وإن لم تَطْلُب، فكذلك، ويجيْء فيه الخلاف الذي سَبَقَ؛ لتوقُّع الطلب من بعد، وعند أبي حنيفة: لا لعان بعد الإبانة، واحتج الأصحاب بظاهر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الآية وهذا قد رمى زوجته، فإذا لاعن، وجب عليها الحدُّ، ولها إسقاطه باللعان، وفي تأبُّد الحرمة بلعانه الوجهان المذكوران في اللِّعان في النكاح الفاسد؛ لوقوعه خارج النكاح.

الثانية: لو ماتَتْ زوجته أو أبانها بخُلَع أو ثلاثِ طَلَقاتٍ أو فسخ أو كانت رجعية، فبانَتْ بانقضاء العِدَّة ثم قذفها إمَّا بزَنَا مُطْلَقٍ أو بزناً إضافةً إلى حالة النكاح، فيُنْظَر؛ إن كان هناك وَلَدٌ يلحقه على حُكْم النكاح السابق، فله اللعان؛ للحاجة إلى النفي، كما في صُلْب النكاح، وعن أبي حنيفة وأحمد -رحمهما الله- خلافُهُ، ثم إذا لاَعَنَ، سَقَط عنه الحدُّ، قال في "التهذيب" ويجب عليها حدُّ الزنا إن أضاف الزنا إلى حالة النكاح، ولها إسقاطه باللعان؛ ولا يجب إن لم يُضِف (?)، وهل يتأبد التحريم، وهل لها معارضته باللعان؟ فيه الخلاف السابق، والخلاف في المعارضة جَارٍ في كل لعانٍ بمُجرَّد نفْي الوَلَد كما لو أقام البيِّنة على الزِّنَا أو صدَّقَتْه، ولو كان هناك حمل، فهل له اللِّعان قبل الانفصال؟ روى المزنيُّ في "المختَصَرِ" أنَّ له ذلك، وفي "الجامع الكبير" أنه يؤَخِّره إلى الانفصال، وللأصحاب طريقان:

أصحهما: أن فيه قولين:

أحدهما: أنه لا يلاعن قَبْل الانفصال؛ لأن هذا اللِّعَان؛ لنَفْيِ الولد، فيَعْسُر (?) تحققه، وقد يكون الذي يجده ربحًا، وهذا أظهر عند الشيخ أبي حامد وجماعة.

والثاني: له ذلك، كما في صُلْب النكاح، وهذا أظهر عنْد أكثرهم، ومنهم صاحب "المهذب" و"التهذيب"، وربما بُنِيَ القولان على أن الحَمْل هل يُعْرَف؟

والثاني، وبه قال أبو إسحاق: القطْعُ بالمنع، وتأويل الرواية على تجويز اللِّعَان بعد البينونة، إذا كان ولَدٌ أو حمل في الجملة، لا كما يقوله أبو حنيفة، وأما اللعان في صُلْب النكاح؛ لنفي الحمل، فسيأتي ذكره -إن شاء الله تعالى- فإنا جوزنا اللعان بَعْد البينونة؛ لنفي الحمل، فلاعن بتوهم الحمْل، ثم بان أن لا حَمْل، بان فساد اللعان، وإن لم يكُنْ ولَدٌ ولا حملٌ، فلا لعان؛ لأنه لا ضرورة إلى القَذْف بعد البينونة، وفي شَرْح الشيخ أبي عليٍّ -رحمه الله- أن له اللِّعَانَ، إذا كان قَدْ أضاف الزِّنَا إلى حالة النِّكَاح؛ لأنَّها لطَّخَت فراشَهُ بزعمه، فكان مضطرًا إلى القَذْف حينئذ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015