صاحب "التتمة": وإنما جعلت الإشارة إلى السَّماء دليلاً على إيمانها؛ لأنهم كانوا عَبَدة الأصنام، فأفهمت الإشارة البراءة منْها.

الثانية: ذكر الشَّافعيُّ -رضي الله عنه- في "المختصر" في هذا الباب أن الإسْلاَم أن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويبرأ من كُلِّ دينٍ يخالف دين الإِسلام، واقتصر في مواضع على الكلمتين، ولم يشترط البراءة، فقال الجمهور: ليس في ذلك اختلافٌ، ولكن يُنْظَرُ، إن كان الكافرُ مِمَّن يعترف بأصْل رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- كقَوْمٍ من اليهود يقولون: إنه رسولٌ مبعوثٌ إلى العَرَب خاصَّة، فلا بد من هذه الزيادة في حقِّه، وذكر أن في أهل الكتاب مَنْ يقول: إن محمداً نبيٌّ يبعث من بعد، وإن كان ممن يُنْكر أصْل الرسالة، كالوثنيِّ، فيكفي لإسلامه الكلمتان.

قال الشيخ أبو حامد: وقد رأيْتُ هذا التفصيل منصوصًا عليه في كتاب قتال المشركين، ونقل الإِمام اختلافاً للأصحاب في أنه هل يُشْتَرط مع الكلمتين البراءةُ عنْ كلِّ دين يخالف دين الإِسلام، قال: والأصحُّ أنها (?) لا تُشْترط، والظَّاهر المشهور أنَّ الكلمتين لا بُدَّ منهما، وأن الإِسلام لا يَحْصُل إلا بهما، وحَكَى الإِمام مع ذلك طريقةً أخْرَى منسوبةً إلى المحقِّقين، وهي أن مَنْ أتى من الشهادتين بكلمة تُخَالِفُ معتقده، يحكم بإسلامه، وإن أتى منهما بما يوافقه، لا يُحْكم، حتى أن الثنويَّ إذا وَحَّدَ، حكم بإسلامه، والمُعَطِّل إذا قال: لا إله إلا الله، جُعِل مسلماً، ويعرض عليه شهادة الرسالة، فإن أنْكَر كانَ مرتدًّا، واليهودي إذا قال: محمَّد رسول الله، حُكِم بإسلامه، وحكي على هذه الطريقة خلافٌ في أنَّ اليهوديَّ أو النصرانيَّ إذا اعترف بصلاة توافق ملَّتنا أو حُكْمٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015