إذا عرفت ذلك تبين أنه لا يجب أن يكون الانحناء للسجود أخفض منه للركوع في الصورة الأولى ولا الثانية بل لو وجب إيماء وجب في الصورة الثالثة.
والثاني: أن ظاهر كلامه يقتضي الاكتفاء بجعله الانحناء للسجود أخفض منه للركوع [لقوله في الراكب المتنفل يومئ للركوع والسجود ويجعل السجود أخفض منه للركوع] (?) فإنه يكفيه ارتفاع التفاوت بينهما على ما تقدم، وليس الأمر على الظاهر هاهنا بل يلزمه مع جعل الانحناء للسجود، أخفض أن يقرب جبهته من الأرض أقصى ما يقدر عليه حتى قال الأصحاب: لو أمكنه أن يسجد على صدغه أو عظم رأسه الذي فوق الجبهة وعلم أنه إذا فعل ذلك كانت جبهته أقرب إلى الأرض يلزمه أن يسجد عليه، فإذا كان الأحسن أن يقول: يجعل السجود أخفض من الركوع ويقرب جبهته من الأرض بقدر الإمكان فيجمع بينهما وكذلك فعله في "الوسيط".
قال الغزالي: فَإِنْ عَجَزَ عَنِ القُعُودِ صَلَّى (ح) عَلَى جَنْبِهِ الأيْمَنِ (و) مُسْتَقْبِلاً بِمَقَادِيم (ح) بَدَنِهِ إِلَى القِبْلَةِ كالمَوْضُوعِ (و) فِي اللَّحْدِ، فَإِنْ عَجَزَ فَيُومِئُ (ح) بِالطَّرَفِ أَوْ يُجْرِي الأَفْعَالَ عَلَى قَلْبِهِ لِقَوْلهِ عليه السلام إِذَا أَمَرْتُكُم بِأمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ (?).
قال الرافعي: ذكرنا أن العجز عن القيام يتحقق بتعذره وفي معناه ما إذا لحقه خوف ومشقة شديدة، وأما العجز عن القعود فهو معتبر به، ولم يفرق الجمهور بينهما.
وقال في "النهاية": لا أكتفي في ترك القعود بما اكتفى به في ترك القيام بل يشترط فيه عدم تصور القعود أو خيفة الهلاك أو المرض الطويل؛ إلحاقًا له بالمرض الذي يعدل بسببه إلى التّيمم. إذا عرف ذلك فنقول: العاجز عن القعود كيف يصلي؟ فيه وجهان، ومنهم من قال: قولان:
أصحهما: أنه يضطجع على جنبه الأيمن مستقبلاً بوجهه مقدم بدنه القبلة كما يضجع الميت في اللَّحْدِ وبهذا قال أحمد، وهو المذكور في الكتاب، ووجهه قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث عمران: "فَإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ" (?) وعلى هذا لو اضطجع على جنبه الأيسر مستقبلاً جاز إلا أنه ترك سنة التيامن.
والثاني: أنه يستلقي على ظهره، ويجعل رجليه إلى القبلة، فإنه إذا رفع وسادته قليلاً كان وجهه إلى القبلة، وإذا أومأ بالركوع والسجود، كان إيماؤه في صوب القبلة، والمضطجع على الجنب إذا أومأ لا يكون إيماؤه في صوب القبلة، وبهذا قال أبو