ظِهارٌ إذا فرَّعنا على الجديد في الصَّدْر والبطن، وإن أطْلَق، فيحمل على الكرامة؛ لاحتمالها، أو يَكُون ظِهَارًا؛ لأن اللَّفْظ صريحٌ في التشبيه ببَعْض أجزاء الأمِّ، فيه وجْهَانِ، ويحكى الأول عن اختيار القفَّال، ونظم "التهذيب" يُشْعِر بترجيح الثاني، وهو اختيار القاضي الحُسَيْن، ولو قال: كرُوح أمِّي، فعلى ما نقله جماعة منهم صاحب "التهذيب" هو كما لو قال: كعَيْن أمِّي وعن ابن أبي هريرة أنَّه لا يكون ظهارًا، ولا تصْلُح هذه اللفظة كنايةٌ عنه؛ لأن الرّوح ليس مما يحله التحريم، وهذا الخلاف ينْطَبِق على خلاف قدمناه فيما إذا قال: رُوحُكِ طالقٌ، وبيَّنَّا هناك أن الأشْبَه وقوع الطلاق، والتشبيه برأْس الأم كهو باليد والرجل، أو كالتشبيه بالعين حتى يكون على التَّفْصيل، فيه وجهان جواب (?) العراقيين الأول (?): والأقرب أنَّه كالعَيْن؛ لأنه يذكر في معرض الكرامة أيضًا، وبه أجاب الشيخ أبو الفَرَج، ولو قال: أنتِ عليَّ كأميِّ أو مثل أمِّي، فإن أراد الكرامة، لم يكن ظِهَارًا، وان أراد الظِّهار، فهو ظهار، وان أطْلَق، فوجهان:
أحدهما: أنَّه ظهارٌ كما لو قَالَ: كجملة أمي أو بدنها، وُيرْوَى هذا عن مالك وأحمد، رحمهما الله.
والثاني: المَنْع، وبه قال أبو حنيفة، وهو جواب ابن الصبَّاغ وصاحب "التهذيب" وغيرهما، والوجهان قريبان مِنَ الوجهَيْن فيما إذا قَالَ: كعَيْن أمِّي وأطْلق أوهُمَا هما، ويشبه أن يُرجح في الصُّورتَيْن المَنْع، ويجوز أن يُعْلَم قوله "وإن قصد الظهار، [فظهارٌ] " للوجه المذكور في الرُّوح.
المسألة الثانية: لو شبَّه بعْض زوجته بظَهْر الأم، كما إذا قال: رأْسُك أو يَدَك أو ظَهْرك أو فَرْجُك أو جِلْدك أو شَعْرك علىَّ كظَهْر أمي، كان مظاهرًا، أو كذا لو ذَكَر جزءًا شائعًا؛ كالنصف والثلث، ويجيء فيه القَوْل المنسوب إلى القَدِيم؛ للعدول عن معْهود الجاهلية، وتعود الطريقة القاطعة، فيجوز أن يُعْلَم لها قوْلُه "على الجديد" بالواو، وليعْلَم قوله "فهو ظهار" بالحاء؛ لأن عن أبي حنيفة إنَّه إن شَبَّه رأْسَها أو عنقها أو عُضْوًا يُعبَّر به عن جميع البَدَن يَظْهر الأم، فهُو ظهارٌ، وإن شبَّه بسائر الأعضاء فلا، نقله صاحب "التهذيب"، ولو شبَّه بعْض أجزاء الزَّوْجة ببَعْض أجزاء الأمِّ، فقال: رأسُك وظَهْرك عليَّ كيد أمي أو رِجْلها، صحَّ الظهار، وفيه الخلاف المنسوب إلى القديم، وأمَّا