كظَهْر أمِّي، وهذا كما أن قوله: أنتِ طالقٌ صريحٌ وإن لم يقل مني، وعن الداركي أنه إذا ترك الصلة، كان كنايةً، لاحتمال أن يُريد أنَّها محرمة على غيره حُرْمة ظهر أمّه عليه، بخلاف الطَّلاق، فإن (?) للإطْلاق، وهي في حبْسه دون حبس غيره، وهذا أرجح عنْد الشيخ أبي حاتم القَزْوِينِيِّ، والمشهور الأول ومهما أتى بصرائح لفْظ الظهار، ثم قال: أردتُّ غيره [لم يُقْبَل،] [كما لو أتى بصريح الطلاق وادعى غيره] وحكى القاضي ابن كج وجْهَاً، أنه يُقْبَل، وفرَّق بأن الظهار حقُّ الله تعالى، والطلاق حقُّ الآدميِّ، وقوله جملتك أو نفسك أو ذاتك أو جسمك أو بدنك عليَّ كظَهْر أمي، كقوله أنت علىَّ، وكذا قوله: أنتِ عليَّ كبدن أُمِّى، أو لجسمها أو جملتها أو ذاتها؛ لدخول الظَّهْر فيها (?)، ثم فيه مسألتان:
إحداهما: إذا شبَّهها ببَعْض أجزاء الأم سِوَى الظَّهْر، نُظِرَ؛ إن كان ذلك فيما لا يُذْكَر في مَعْرِض الكرامة والإعزاز، كاليد والرجل والصدر والبطن والفرج والشَّعَر، ففيه قولان:
الجديد، وأحَد قولَي القديم: أنه ظهار، وبه قال مالك وأحمد -رحمه الله-؛ لأنه يُشبه الزوجة ببَعْض أعضاءَ الأمِّ، فكان كالمُشبِّهِ بالظَّهْر.
والثاني: المنع؛ لأنه ليس على صورة الظِّهار المعهودة في الجاهلية، ويُقَال: إنَّه مخرَّج من قول في القديم؛ أن التَّشْبيه بغير الأم من المحارم لَيْس بظهار؛ لعُدُوله عن الصورة المعهودة، وربما شبّه الخلاف بالخلاف في أن الإيلاء هل يختص باليمين باللهِ تعالى؟
فعَلَى الجديد: لا يخْتَصُّ؛ اتِّباعًا للمعنى، وعلى القديم: يختص اتِّباعًا للمعهود، ويجوز أن يُعْلَم قوله "فهو ظهار" بالحاء؛ لأن عنْد أبي حنيفة: إنْ شبَّهها بعضو يحْرُم النظر إلَيْه من الأم؛ كالفرج والفَخِد، كان ظهارًا، وإن كان مما لا يحْرُم النظر إليه؛ كالرأس والوجه واليد، لم يكن ظهارًا، وأن يُعْلَم قوله " [على] (?) الجديد" بالواو؛ لأن في "المهذَّب" طريقةً قاطعةً بأن ذلك ظهارٌ، وعن الشيخ أبي عليٍّ تخصيص هذه الطريقة بما إذا قال: كفَرْجِ أمِّي؛ لما فيه من التصريح بمقصود الكلام، والتشبيه بعضو آخر ليس كالتشبيه به، وحكى أبو الفرج الزاز مثْلَه، وقال: ما يصحُّ إضافة الطَّلاق إلَيْه، فيصح إضافة الظِّهار إليه والإيلاء، وإن كان مما يُذْكَر في معرض الإعزاز والإكرام، كما لو قال: أنت عليَّ كعَيْنِ أمِّي، فإن أراد الكرامة، لم يكن ظهارًا، وإن أراد الظِّهَار، فهُو