قوله "وكذا الإيلاء إذا أضافه إلى بعْضِها، انعقد" إلى آخره، فهذا ضَابْطٌ ذَكَره الأئمة، وقالوا: ما يَقْبَل التعليق منَ التصرفات، تَصِحُّ إضافته إلى بَعْض محل ذلك التصرف؛ كالطلاق والعتاق، وما لا يَقْبَل التعليق، لا يصِحُّ إضافته إلى بعض المحل؛ كالنكاح والرجْعَة والإيلاَء ممَّا يَقْبَل التعليق على ما مَرَّ، وقد أطْلَق في الكتاب أنَّه إذا أضافه إلى بعْض الزوجةَ، انْعَقَد، لكِن فيه تفصيلٌ، إن أضافه إلى عضو معيَّن؛ كاليد والرجل، لم ينعقد إلا أن يضيفه إلى الفَرْج، فيقول: لا أجامِعُ فَرْجَك، ولو قال: لا أجامع بعْضَكِ، لم يكن مُولِيًا إلا أن يريد بالبعض الفَرْجَ، ولو قال: لا أجامع نِصْفَك فعن الشيخ أبي عليٍّ: إطلاقُ القول بأنه لا يكون مُولِيًا، وقال الإِمام -رحمه الله-: إن كان المراد أنَّه ليس بصريح، فالأمر كذلك؛ لأن الجماع لَفْظ مستعارٌ جُعِلَ كناية عن أصْله المعلوم، فاستفاض وشَاع حتَّى التحق بالصريح، وشَرْطُ الالتحاق أن يُسْتعمل على الوجْه المعهود، والإضافة إلى الجزء الشائع غير معهودة، فأمَّا إذا نَوَى، ففيه احتمالٌ؛ لأن ترك الجِمَاع في النِّصْف منْ ضرورته التّرك في الكُلِّ، فصَار كما لو أضاف الطَّلاق إلى النِّصْف، يقع على الكل، ويجوز أن يقال (?): إضَافَةُ الطَّلاق إلى النِّصْف، كإضافة العِتْق والبيع والرَّهْن، أما الجماع، فهُو فِعْل محْسُوسٌ لا يُعْقَل وقوعه في الجُزْء الشائع، فلا يَصْلُح إضافَتُه إلَيْهُ والله أَعْلم.
قَالَ الغَزَالِيُّ: (الرُّكْنُ الثَّالِثُ: المُشَبَّهُ بِهَا) وَهِيَ الأُمُّ وَيُقْتَصَرُ عَلَيْهَا في القَوْلِ القَدِيمِ* وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ لاَ يَلْحَقُ بِهَا إِلاَّ الجَدَّاتُ* وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ يَلْحَقُ بِهَا كُلُّ مُحَرَّمَةٍ عَلَى التَّأْبِيدِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ* وَعَلَى قَوْلٍ رَابعٍ لاَ يَلْحَقُ الصِّهْرُ وَلاَ مِنَ الرَّضَاعِ مَنْ عُهِدَتْ مُحَلَّلَةً* وَلاَ خِلاَفَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَي كَأجْنَبِيَّةٍ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا لأَنَّ التَّحْرِيمَ غَيْرُ مُؤَبَّدٍ* وَكَذَلِكَ المُلاَعَنَةُ وَإِنْ تَأبَّدَ تَحْرِيمُهَا فَلَيْسَتْ كَالأُمِّ إذْ لاَ مَحْرَمِيِّة* أَمَّا قَوْلُهُ: أَنْتِ كَظَهْرِ أَبِي فَهُوَ لاَغٍ لأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلاًّ لِلاسْتِحْلاَلِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: الأصْل المعهود في الظِّهار تشبيه الزوجة بظهر الأم، قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ} [المجادلة: 2] الآية، ولو قال: أنتِ عليَّ كظهر جَدَّتي، فهو ظهار أيضًا؛ تستَوي فيه الجدة من قبل الأب والجدة من قبل الأم؛ لأن الجدات كلّهن أمهاتٌ ولدنه، ويشاركن الأم [في] (?) حصول العِتْق، وسقوط القصاص، ولزوم النفقة، ومن الأصحاب من جَعَل الجدَّات على الخلاف الذي يذْكره في