في الحُكْم الثالث. وكذا الحال في قوله عنْد ذكْر الحيض، "وإن كان يمنع طَلب الوطء في الحال"، وقد أعاد الكلام في أنَّه لا مطالَبَة للمريضة، ولا للحائض من بعد.
هذا هو الكلام فيما يُوجَدُ بينهما من الموانع الحسِّيَّة، وأما الشرعية، ففي بعض التعاليق التي لا يُؤْمن في مثْلها الغَلَط أنَّها لا تَمْنَع الاحتساب أصْلاً، وأطلق في الكتاب: أن صوْمها لا يمنع الاحتساب، وكذلك حَكَى الإِمام عن شيخه أنه لا يمنع الاحتساب، ولا يقطع المدة، ثم قَال: إنْ كَانَ الصَّوم تَطوُّعاً، فالأمرْ كذلك؛ لأنه متمكن (?) من غشيانها وتحليلها، وإن وَقَع رمضان في الأشْهر، فكذلك؛ لأنه لاَ بُدَ لَهَا من الصَّوْم، وفي الليالي مقنع الاستمتاع، ولو (?) أرادت تعجيل قَضَاء عليها، وأن تبادر إلى الصلاة في أول الوقت، وأراد الزوج أن تؤخرهما، وطلب الاستمتاع، ففي تمكُّنه منْه خلاف يُذْكر في موضعه، فإن تَمكَّن، فهو كصوم التطوع، وإلاَّ فَفِي المسألة احتمالٌ، قال: والأظهرُ أنه لا أثر له، ويكتفي بالتمكن في الليالي، وما ذَكَره في صوْم التطوع مساعدٌ عليه، وأما في صوم الفَرْض، فالمشهود في كتب الأصحاب أنَّه يمْنَع الاحتساب، وكذلك الاعتكاف فالمفروض، وعلى هذا، فمَهْما وقع رمضان في المدة، أحوج إلى الاستئناف، وهذا كما أنَّه يقطع تتابع الشهرين في الصوم عن الكفارة، فأعْلِمْ؛ لما ذَكَرنا قوله "أما صوْمُها فلا يمنع من احتساب المدة" ولا خلاف في أن حيضَها لا يمنع الاحتساب؛ لأن ذات الأقراء لا تَخْلو في مدة الإيلاء عن الحيض غالباً، فلو جُعل مانعًا، لم يتخلص عن الضَّرر، وهذا كما أنَّه لا يَقْطَع التتابع في صوْم الشهرين، وفي النفاس وجهان:
أحدهما: أنَّه لا يُلْحَق بالحَيْض؛ لأنه نادر.
وأصحهما، على ما ذكر في "التهذيب": أنه كالحيض، كما أنه يشاركه في أكثر الأحكام، واعلم أن ما ذكرنا في الصِّغَر والمرض المانعين من الوطء مبنيٌّ على ظاهر المذهب، وهو صحة الإيلاء، وقد سَبَق في أول الكتاب حكايةُ قَوْل عن القديم أنَّه لا يصحُّ الإيلاء عن الصغيرة والمريضة المُضْنَاة، والله أعلم.
قَالَ الغَزَالِيُّ: (الحُكْمُ الثَّانِي: المُطَالَبَةُ) وَلَهَا ذَلِكَ إِذَا مَضَتِ المُدَّة مِنْ غَيْرِ قَاطِعٍ* فَإِنْ رَضِيَتْ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهَا وَكَانَ لَهَا العَوْدُ بِخِلاَفِ العُنَّةِ بَل هَذَا كَرِضَاهَا بِإعْسَارِ الزَّوْجِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى الطَّلَبِ* وَلاَ مُطَالَبَةَ لِوَلِيِّ الصَّغِيرَةِ وَالمَجْنُونَةِ وَلاَ لِسَيِّدِ الأَمَةِ بَلْ يَخْتَصُّ هَذَا بِالْمَرْأَةِ* وَلاَ مُطَالَبَةً لِلمَرِيضَةِ الَّتِي لاَ تَحْتَمِلُ الوِقَاعَ* وَلاَ لِلرَّتْقَاءِ* وَلاَ لِلحَائِضِ