حَالَةَ الحَيْضِ* وَإِنْ كَانَ فِي الرَّجُلِ مَانِعٌ طَبعِيٌّ فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِالفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ وَوَعْدِ الوِقَاعِ* وَإنْ كَانَ شَرْعِيّاً كَالطَّهَارَةِ وَالصَّوْمِ وَالإِحْرَامِ فَلَهَا المُطَالَبَةُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَ أَوْ يَعْصَى بِالوِقَاعِ إِلاَّ أَنَّ ذَلِكَ يَنْقَدحُ إِنْ جَوَّزْنَا لَهَا التَّمْكِينَ* وَلاَ خِلاَفَ أنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلرَّجْعِيَّةِ التَّمْكِينُ* وَكَذَلِكَ إِذَا كانَ المَانِعُ فِيهَا كَالصَّوْمِ وَالإِحْرَامِ وَالحَيْضِ* وَإِنْ كَانَ فِيهِ وَعَصَى بِطَلَبِ الوِقَاعِ قِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ لأَنَّهُ حَقُّ الزَّوْجِ فَيُوَفَّى وَإِنْ كَانَ عَاصِياً بِالاسْتِيفَاءِ* وَقِيلَ: لاَ يَجِبُ وَلاَ يَحِلُّ فَعَلَى هَذَا لاَ يُمْكِنُ طَلَبُ الوَطْءِ وَلَكِنْ يُقَالُ لَهُ: طَلِّقْ* فَإِنْ وَطِئَ مَعَ التَّحْرِيمِ انْدَفَعَ* وَقِيلَ: إنَّهُ يَكْتَفِي هَهُنَا بفَيْئَةِ اللِّسَانِ إلَى زَوَالِ المَانِعِ إِذْ لاَ وَجْهَ لِلإرْهَاقِ إِلَى الطَّلاَقِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: قوله "المُطَالَبَة ولها ذلك إذا مضت المدة من غيْر قاطع" يشعر [بأن المطالبة إنما تتوجه إذا مضت المدة من غير قَاطِع]، وإنما يستمر هذا الكلام على الوجْه الصحيح، إذا طرأ قاطِعٌ، وجب الاستئناف، أما إذا قلْنا بالبناء بعْد زوال الطارئ، لم تكن المدَّة ماضيةً من غيْر قاطع، وفقْه الفَصْل تحْصُره مسألتان:
إحداهما: للمرأة المطالبة بأن يفيء أو يُطَلِّق إن لم يفء فما لم تُطَالِب، لم يؤمر الزوج بشَيْء، ولا يسقط حقُّها بالتأخير، ولو تركت حقَّها، ثم رَضِيَتْ، ثم بَدَا لها، فلها العَوْد إلى المطالبة ما لم تنته مدة اليمين، لتجدد الضرر على ما ذَكَرْنا في فضل خيار العُنَّة، وهذا كما أنها إذا رَضِيَتْ بإعسار الزوج ثم أرادت الفسخ [تمكن منه لتجدد الضرر بفوات النفقة يومًا بيوم، ويخالف ما إذا رضيَتْ بعُنَّة الزوج، ثم أرادت الفسخ لا] (?) تمكّن منْه، فُرِّق بأن العُنَّة خصْلة نادرة لا تبسط على الأيام، وحق الاستمتاع والنفقة تبسطان عليها، وبأن العُنَّة عيْب، والرضا بالعَيْب يُسْقِط حقَّ الفسخ، واعْتُرض عليْه بأنه لو كان سبيلها سبيلَ العيوب، لَمَا ثبت لها الفَسْخ إذا نكَحَتْه عالمةً بعُنَّته، وأجِب عَنْه بأن العُنَّة لا تتحقَّق، فقد يُعَنُّ في نكاح ولا يُعَنُّ في آخر، فاقتضى ذلك الفَرْق بيْن العُنَّة وبينهما، قال في "التتمة": ومثلهما ما إذا اشترى عبْداً، فأبق قبْل القبض، ورضي المشتري بترك الفسخ، ثم بَدَا له، يُمكَّن من الفسخ؛ لأن التسليم مستحقٌّ له في الأوقات كلها، فالإسقاط يُؤثِّر في الحال دون ما يستحق من بعد، وتختص المطالبة بالزوجة كالفسخ بالعنة، وكما أن الطَّلاق يختصُّ بالزوج فليس لوليِّ الصبية المراهقة والمجنونة المطالبَةَ، وحَسُنٌ أن يقول الحَاكِمُ للزَّوْج على سبيل النصيحة: اتق الله، فيء إليها أو طلِّقها، وإنما يضيق الأمر عليه إذا بَلَغت تلْك أو أفاقت