مال إلَيْه الإِمام. قال: وكان يُحْتمل أن يُصدَّق المزنيُّ في النقْل وقال فيه وفي نص المرضُ إنهما على قولَيْن (?) بالنقل والتخريج، وذلك لأنه إذا تَحقَّق المانع في الزوج، لم تظْهَر المضارة، وهي المعتمد في الإيلاء، وعن صاحب "التقريب" أن البويطيَّ حكى قولاً أن الموانع الطارئة فيها لا تَمْنع الاحتساب؛ لحصول قصْد المضارة في الابتداء، نقله الإِمام وأبو الفرج الزاز، فيجوز أن يُعْلَم؛ لذلك قوله في الكتاب "وحبسه" بالواو، وكذا قوله فإن كان المانع فيها منع احتساب المدة، وقوله "كصغرها"، المراد: الصغر المانع من الوطء، فأما إذا آلى عن الصغيرة الَّتي تحتمل الجِمَاع، فيبتدي الاحتساب.
وقوله "وجنونها" محمول على ما إذا امتنعت، فتكون كالناشزة، فأما المجنونة الَّتي لا تمنع منْه، فتحتسب المدة في حقِّها فإذا قلْنا بظاهر المَذْهب فيما يُوجَد فيها مِنَ الموانع، فلو طرأ فيها مانعٌ في المدة، ثم زال، فتُبْنَى المدة على ما مضى، أو تستأنف؟ فيه وجهان:
أحدهما: تبنى كما لو وطئت المعتدة بالشُّبْهة، وحبلت منْه، فإنها بعْد الوضْع تبنى على ما مضى من العدَّة.
والثاني: تستأنف كما قدَّمنا في عروض الطلاق الرجعيِّ والردة؛ وهذا لأن المُضَارَّة إنَّما تتحقَّق إذا توالَتِ المدَّة، وكان الامتناع من جهة الزوج، وقد ذكر (?) في الكتاب أنَّ الأوَّل أظْهَرُ ولم يذكر ذلك في سائر كتبه، ولا ذكره الإِمام، والصحيح المنْصُوص الثاني، ولم يُورِدِ الجُمْهور غَيْرَه، ولو طرَأَت هذه الموانعُ بعد تمام المدة، وقبْل المطالبة، وزالَتْ، فقد قال الإِمام -رحمه الله-: المذهب المثبوت أنَّه تعود المطالبة، ولا حاجة إلى استئناف المدَّة؛ لتحقق (?) المضارَّة منْه في المدَّة على التوالي، وأَبْعَدَ بعض الضعفة، فقال: إذا أوجَبْنا الاستئناف فيها إذا طرأت في المدَّة، وزالت، فكذلك هاهنا، وقوْلُه "بخلاف الطلاق الرجعيِّ والردة" أراد به ما قدَّمنا أنه لو طلَّق بعد المدة طلاقًا رجعيّاً، ثم راجَعَها تستأنف المدَّة، وكذا لو ارتدَّ أحد الزوجين، وعاد إلى الإِسلام في مدة العدة؛ لأنه مطالَبٌ بأن يُطلِّق إن لم يَفِء وقد فَعَل، وخرج عن عُهْدة تلْك المدة، لكن بَقِيَتْ مدة اليمين، فاستؤنفت (?) مدة أخرى، وألحقت الردة بالطلاق؛ لأنها سبب انقطاع النكاح في الجملة، وهاهنا بخلافه.
وأما قوْلُه "منعت المطالبة في الحال" فهو دخيل في هذا الموضع؛ لأن المَقْصُود الآن بَيانُ ما يقطع المدَّة، وما لا يقطعها، والكلام فيما إذا وُجِدَ مانعٌ وقْت المطالبة يأْتي