وقوله في الكتاب "ولو آلى عن امرأة .... " إلى آخره المراد ما إذا كان الإيلاء بالله سبحانه وتعالى على ما بيَّنا.

وقوله "لأنه لم يذكر اسْم الله تعالى ولا صرَّح بالتزام أي، ولم يلتزم شيئاً من الطلاق أو عتاق، حتى يجعله مُولِيًا.

وقوله "وفي الطلاق يمكن الاشتراك" يعني أنه إذا قال لواحدة: أنت طالقٌ، ثم قال للأخرى: أشركتك معها، ونوى، طُلِّقت الثانية أيضاً، وقد مر ذلك في "الطلاق"، وكنا أخَّرْنا الاشتراك في تعليق الطلاق؛ لأنه ذكره هاهنا.

وقوله [و] في الظهار خلافاً أي إذا ظاهر عن امرأة، وقال للأخرى أشركتك معَها، ونوى، يصير بنيته مظاهرًا، يبني على أنه يغلب في الظهار مشابهة (?) الأيمان أو الطلاق؟، إن قلْنا بالأول، لم يَصِرْ مظاهرًا عن الثانية، وإن قلْنا: بالثاني، صار مظاهرًا، وهو أصحُّ، وهذا أصل يتبين في "كتاب الظهار"، [إن شاء الله تعالى،] (?) وقوله "وأراد تعليق طلاقها بدخولها نفسها" أشار بهذه اللفظة إلى أنَّه أراد التعليق بدخول الأولى، [ويبقى طلاق الثانية أيضاً عنْد دخول الأولى] (?) على ما قدَّمناه، ولم يذكر الأصحاب -رحمهم الله- الخلاف في هذه الصورة، لكن التوجيه المذكور لأحد الوجهين فيما إذا أراد تَعْليق طلاقها بمثل ما عَلَّق به طلاق الأولى، وهو الإلحاق بالحلف بالله سبحانه وتعالى، من حيث إنَّه اشتراك في اليمين يقتضي مجيء الخِلاَف، فيما إذا أراد تَعْليق طلاقها، يعين ما علق به طلاق الأولى؛ فإنه تعليقٌ ويمينٌ أيضاً، ولفْظُ الاشتراك يحتمل الأمرين جميعاً.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى الإِيلاَءَ انْعَقَدَ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ؛ لأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ وَرَدَ في الكِتَابِ لإيجَاب الكَفَّارَةِ* وَلَوْ قَالَ: وَاللهِ لاَ أُجَامِعُكِ إِنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: شِئْتُ صارَ مُولِيًا* وَهَلْ يَخْتَصُّ المَشِيئَةُ بِالْمَجْلِسِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ* وَالإيلاَء يَنْعَقِدُ فِي غَيْرِ حَالِ الغَضبِ* وَلاَ يَنْعَقِدُ بِمِثْلِ قَوْلهِ: إِنْ وَطِئْتُ فَأنَا زَانٍ أَوْ أَنْتِ زَانيَةٌ إِذْ لاَ يُتَعَرَّضُ بسَبَبِهِ لِلُزُومٍ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: في هذه الفيئة صور أربعٌ: أحدها: ذكَرْنا في الطلاق أنَّه لو قال لامرأته: أنتِ عليَّ حرامٌ، ونوى الطلاق أو الظهار، كان كما نوى، وأنه لو نوى تحريم عينها, لزمَتْه كفارة يمين، وأن الصحيح وجوب تلْك الكفارة في الحال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015