إصابة الأولى شرطٌ لطلاقها, لم يُقْبَل، وإذا وطئ الأولى، طُلِّقت؛ لأن الطلاق إذا تعلَّق بصفة لا يجوز نقض ذلك التعليق، وضم أخرى إليها، وإن (?) قال: أردتُّ أني [إذا] أصبت الأولى، طُلِّقت الثانية أيضاً، فجعلها شريكةً للأولى، فإنه يقع طلاقُها بوطء الأولى، كطلاق الأُولى، قُبل؛ لأن الطلاق يقع بالكناية، فإذا وطئ الأولى، طُلِّقتا جميعاً، وفي الحالين لا يكون مُولِيًا عن الثانية، وإن قال: أردتُّ تعليق طلاق الثانية بوطئها نَفْسِها كما علقت طلاق الأولى بوطئها، ففي صحة هذا التشريك وجْهان:
أحدهما: المَنْعُ؛ لأنه تشريك في اليمين، فأشبه التشريك في اليمين بالله تعالى.
وأظهرهما: الصحة، وبه أجاب القاضي أبو الطيِّب، والشيخ أبو حامد وغيرهما، لأن التشريك جائزٌ في تنجيز الطلاق، فكذلك في تعليقه، فعلى هذا يكون مُولِياً عن الثانية، إذا قلْنا بالجديد، ويجري (?) هذا التفصيل فيما إذا علَّق طلاق امرأة بدخول الدار وسائر الصفات، ثم قال لأخرى: أشركتك معها, ولو قال: إنْ دخلْتِ الدار، فأنتِ طالقٌ، لا بل هذه، وأشار إلى امرأة أخْرَى، فإن قَصَد أن يُطلَّق الثانية، إذا دخلَت الأولى الدار، طُلِّقتا جميعاً عند دخولها، سواءٌ قَصَدَ ضَمَّ الثانية إلى الأولى، أو قَصَد أن يُطلَّق الثانية عند دخول الأولى، لا الأولى؛ لأَن الرجوع عن تعليق طلاق الأول لاغٍ، وإن قال: أردتُّ تعليق طلاق الثانية بدخول نفسها، ففي قبوله وجهان، كما ذكر في لفظ الإشراك في اليمين واختار القفَّال منْهما على ما ذكر الإِمام أنه لا يُقْبَل، ويحمل على تعليق طلاقها بدخول الأولى حتى إذا دخلَتْ، طُلِّقتا جميعاً، قال: وإذا تعلَّق طلاق واحدةٍ بدخول النار، ثم قَالَ لأخرى أشْرَكْتُك معها، وقلنا: إنه لا يصحُّ التشريك، فلا يقع طلاقها بدخول الأولى؛ لأن قوله "لا بل هذه" مترتب على كلام صريح في الطلاق منتظم معه انتظامًا يقتضي الطلاق.
وقوله "أشركتك معها [أو] (?) وأنت شريكتها" كلام مبتدأ متردِّد، فإذا لم يكن المحمل صحيحاً، بطل اللفظ والمحمل.
ولو قال رجل لآخر: يميني في يمينك، ففي "التهذيب" وغيره: أنَّه إن أراد أنه إذا حَلَف الآخر صرت حالفاً لم يصر حالفاً إذا حفل الآخر سواء فرض ذلك في الحلف بالله تعالى، أو في الحَلف بالطلاق، وإذا كان ذلك الرجل قد طلَّق امرأته، أو حَلَف بالطلاق، وحَنَث فقال ذلك، وأراد أن امرأته طالق، كامرأة الآخر، طُلِّقت، وإن أراد أنه متى طلَّق الآخر [امرأته] طُلِّقت امرأته فإذا طلَّق الآخر، طُلِّقت هذه.