وفي وجْه: إنما يجِبُ إذا أصابها، وأنه على هذا الوجه يكون مُولياً [إذا] (?) نوى تحريم عيْنها، ويُنْسب هذا الوجه إلى تخريج ابْنِ الوكيل وابن سلمة، وأنه لو أراد بقوله "أنتِ عليَّ حرامٌ" الامتناع عن الوطء، ففي قبوله وجهان، وهذه الصورة هي قوله هاهنا، "ولو قال: أنتِ عليَّ حرامٌ، ونوى الإيلاء" فأحد الوجهَيْن: أنَّه يكون مُولِياً؛ لأن هذه اللفظة ورَدَت في كتاب الله مقرونةً بكفارة اليمين، فهي من حيث إيجابها للكفارة نازلةٌ منزلة القسم شرعاً، وأظهرهما: أنه لا يكُون مُولِياً لما ذكَرْنا أن اليمين باللهِ تعالى لا تنعقد بالكنايات، ولا بُدَّ منْ ذكْر اسم معظَّم؛ وعلى هذا فيلزمه الكفَّارة في الحال، إذا قلْنا: إن مُطْلَق هذه اللفظة تُوجب الكفارة، ولو قال: أردتُّ بقولي "أنتِ عليَّ حرامٌ إن وطئتك، فأنْتِ عليَّ حرامٌ" فالمشهور أنَّه لا يُقْبل منْه ذلك في الحُكْم؛ لأنه يريد تأخُّر الكفارة، وظاهر اللفْظ يقتضي وجُوبَها في الحال، وفي "التتمة" أن هذا مبنيٌّ على أن للإمام أن يأمره بإخراج الكفَّارة، أما إذَا قُلْنا: ليْسَ له الأمر بالإخراج، فلا يتعرض له، ورأى صاحب "التتمة" وابن الصباغ أن يؤاخذ بموجب الإيلاء، لإقراره بأنه مُولٍ.
ولو قال: إن جامعتك، فأنتِ عليَّ حرام، فإن أراد الطلاق أو الظهار، كان مُولِيًا إذا فرَّعنا على الجديد، كما إذا صرَّح؛ فقال: إنْ وطئتك، فأنتِ طالقٌ أو فأنْتِ عليَّ كظَهْر أمي، وإن أراد تحريم عَيْنها أو أطلق، وقلنا: إن مطلقه يوجب الكفَّارة فكذلك؛ لأن ضَرَر وجُوب الكفَّارة يمْنعه من الوطء، فيتحقق (?) الأضرار، وإن قلْنا: إن مُطْلقه لا يوجب الكفَّارة، فلا يكون مُولياً.
الثانية: الإيلاء يَقْبل التعليق؛ كالطَّلاق وكالأيمان، فلو قال: إن دخَلْتُ الدار، فوالله، لا أجامعك، يصير مُولِيًا عند الدخول، ولو قال: والله، لا أجامعك، إن شئْتِ، وأراد تعليق الإيلاء بمشيئتها، كأنه قال: إن شِئْتِ أن لا أجامعك، فوالله، لا أجامعك، فلا بد من مشيئتها؛ ليكون مُوليًا، وقد ذكَرْنا في "الطلاق": أنه لو قال: أنتِ طالقٌ، إنْ شئْتِ، يعتبر الفور في المشيئة على ظاهر المذهب، وهاهنا في اعتبار الفَوْر وجهان بُنِيَا على أن اعتبار الفور هناك؛ لأن التعليق بالمشيئة استدعاءُ رَغْبة، وجواب منها، فيكون كالقبول في العُقود أو لأنَّه يتضمن تمليكها البُضْع، فيكون كقوله: طَلِّقي نفْسَك إن قلْنا بالثاني، لم يُعْتَبر الفور، وإن قلْنا بالأَول، فيعتبر، وهو الأظهر، وأعلم قوله في الكتاب "صار مُولِيًا" بالميم؛ لأن عند مالك -رحمه الله- أنه لا يكون مُولِياً إذا علَّق بمشيئتها [فشاءت]؛ لأنه لم يقْصِد الإضرار، إنما فوَّض الأمر إلَيْها، فرضيت به، وأجاب