ادَّعَى الرجعة في وقْت يقدر على إنشائها، فيُقْبل إقراره بها كالوكيل إذا قال: بعْتُ قبل العزل، وعن صاحب "التقريب" وجه أن القول قوْلُها؛ لأن الأصْل عدَمُ الرجْعَة، وبقاء أثر الطلاق، فإن أراد الرَّجْعة، فعلَيْه إنشاؤها، وإذا قَبِلْنا قولَه، فقد أطْلَق جماعةٌ منهم صاحب "الكتاب" (?) أن إقراره ودعواه يُجْعل إنشاءً, وحَكَى ذلك عن القفَّال، وذكر الشيخ أبو محمَّد أن من قال به يَجْعَل الإقرار بالطلاق إنشاءً أيضاً.
قال الإِمام: وهذا لا وجْه له؛ فإن الإقرار والإنشاء يتنافيان، فذلك إخبار عن ماضٍ، وهذا إحداث في الحال، وذلك يَدْخُله الصِّدق، والكَذِب، وهذا بخلافه، ونختم القسم بكلامين:
أحدهما: فيما يَتعلَّق بلفظ الكتاب.
قوله: وَإِنْ ادَّعى أنه رَاجَع قبل انقضاء العدة، فأنكرت، الأقرب أنه أراد بهذه هذه الصورة ما إذا اختلفا في التقدُّم والتأخر من غَيْر أن يتفقا على وقْت أحدهما، وأراد بقوله: "ولو قال راجعتك الآن"، فقالت: "انقضت عدتي بالأمس" ما إذا اتفقا على وقت الرجعة، واختلفا في وقت انقضاء العدة؛ وبقوله (?): "أو قالت" انقضت عدتي، فقال: "راجعتك بالأمس" ما (?) إذا اتفقا على وقت انقضاء العدَّة، واختلفا في وقت الرجعة، والخلاف في أن القول قولُه أو قولها شامل للصور جميعاً على ما قدَّمنا، لكنه قال: والأظهر أنَّ القول قولُها، وسيأتي الكلام يَقْتَضِي ترجيحَ هذا الوَجْه في الصور كلِّها، وهو غير مساعد عليه فيما إذا اتفقا على وقت الرجْعة، واختلفا في وقْت انقضاء العدَّة بل الظاهر أن القول قولُه، وكذا إذا لم يتفقا (?) على وقت واحد منهما، والظاهر تصديقُ مَنْ يسبق إلى الدَّعْوَى، ولم يَتعرَّض له في الكتاب.
والثاني: نقل المزنيُّ عن الشَّافعي -رضي الله عنه- أنه لو قال: راجعْتُكِ اليوم، فقالت المرأة: انقضت عدتي قبل رجعتك، تُصدَّق المرأة، واعتُرِض بأنه لم يوجَدْ من واحد منهما دعوى (?) [انقضاء العدة، حتى حصلت المراجعة باتفاقهما، فينبغي أن يُصدَّق] الرجُلُ، وحمل الأصحاب -رحمهم الله- النص على ما إذا اتَّصَل كلامها بكلامه، وقالوا: قولُه "راجَعْت" إنشاء، وقولها: "انقضت عدتي" إخبارٌ، فيكون الانقضاء سابقاً على قولها، وقد سَبَق ما يقرب من هذا أو هو هو.
القسم الثاني، ولم يذكره في الكتاب: أن يقع الاختلاف بعْد ما نَكَحت زوجًا