فهي المصدَّقة بيمينها، وإن قال الزوج أولاً: راجعتك قبل انقضاء عدتك، ثم قالت: بل بعْد انقضاء عدتي، فعن القفَّال، وبه أخذ "التهذيب" و"التتمة". أنه يُنْظَر؛ إن تراخى قولها عن قوله، فالمصدَّق الزوج، ويُجْعل كأن عدتها قد انقضت قبيل كلامها، وإن اتصل قولها بقوله، فهي المصدَّقة بيمينها؛ لأن الرَّجعة قولية، فيجعل قوله "راجعتك" كإنشاء الرجعة في الحال، وانقضاء المدة، وليس بشَيْءٍ حَوليِّ، فقولها انقضت عدتي إخبارٌ عن أمر كان من قبل، فكأن قوله: "راجعتك" صادف انقضاء العدة، فلا يصح، وإذا اعتبرنا السبق إلى الدعوى، فلو وقَع كلام الزوجين معاً، فعن ابن سُرَيْج، وهو الجواب في "التهذيب" وغيره: أن القول قولها، وكأنَّ الرجعة صادفت انقضاء العدة، أو تأخرت عنه وَيجِيْء على قياس ما ذكره الإِمام، وفيما سَبَق وجْه: أن القَوْل قولُه.
وفي "الشامل" أن القاضي أبا الطيِّبِ روى وجْهاً أنه يُقْرَعُ بينهما، وَيُقَدِّمُ قولُ من خَرَجَتْ قرعته، وفي المسألة طريقة أخرى، ويقال إن صاحب "الإفصاح" اختارها، وهي أنه (?) يُسأل الرجُل عن وقت الرَّجعة [فإذا بَيِّن، فإن صدقته المرأة فقد توافقا على وقْت الرجْعة،] (?) وإن كذَّبَتْه، صُدِّق بيمينه، وتُسْأل المرأة عن وقت انقضاء العدة، فإذا بَيَّنَتْه، فإن صدَّقها، فقد توافقا على وقت انقضاء العدة، وإلا فتُصدَّق بيمينها، ثم يُنْظَر في وقت الرجعة، ووقت انقضاء العدة، ويُجْعل الحكم للسابق منْهما، ويخرج من هذه الطرق عنْد الاختصار وجوه أو أقوال:
أحدها: تصديق الزوج [في انقضاء العدة] (?).
[والثاني: تصديق الزوجة في انقضاء العدة]، ويُرْوَى الأوجُهُ عن ابن أبي هريرة، وكذلك ذَكَرها الشيخ أبو حاتم القزوينيُّ ثم في "النهاية" عن صاحب "التقريب"، أن ما صوَّرناه من الاتفاق على وقْت انقضاء العدة، والاختلاف في الرجْعة فيما إذا اتفقا على أصل الرجعة، واختلفا في التقدُّم والتأخر، فأما إذا أنكرت أصل الرجعة، وقالت: إنه لم يتلَفَّظ بها، فالقول قول المرأة بلا خلاف.
قال الإِمام: وهذا خطأ صريح، فإن قولَها "أنه راجع بعد انقضاء العدة" اعترافٌ بصيغة الرجعة لا بحقيقتها، فلا فرق.
ولو قال الزوجان: نعلم حصول الأمرين، الرجعة وانقضاء العدة على الترتيب، ولا ندري أن السابق ماذا؟ فالأصل بقاء العدَّة، وولاية الرجعة.
الحالة الثانية: إذا كانت العدة باقيةً، واختلفا في الرجْعة، فالقول قول الزوج؛ لأنه