آخر، فإذا نكحت بعْد مضي العدة زوجًا لعلَّه زوجها الأول، وادعى الرجْعة وعذرها في النكاح، لجهلها بالرجعة أو نسبه إلى الخيانة والتلبيس، نُظر إن أقام عليها بيِّنة، فهي زوجة الأول، سواءٌ دخل بها الثاني أو لم يَدْخُل.

وعن مالك: أنه إنْ دخل بها، فهي زوجة الثاني، وإن لم يدْخُلْ بها، فعنه روايتان في أنَّها للأول أو الثاني، ويجب لها مَهْر المثل على الثاني، إن دَخَل بها، وإن لم تكن بيِّنة، وأراد التحليف، فتسمع دعواه على الزوجة (?)، ويجيْء فيه خلافٌ؛ بناء على أن إقرار المرأة بالنكاح غَيْر مقبول، والظاهر القَبُول، وهل تسمع الدعوى على الزوج الثاني، فيه وجْهَان:

أحدهما: لا؛ لأن الزوجة ليست في يده، وهذا ما ذكره الإِمام أنه المَذْهب.

والثاني: تُسْمَع؛ لأنها في حباله وعلى فراشه، وبه أجاب المحامليُّ وغيره من العراقيين فإن قلنا: لا تسمع الدعوى عليه، فتتعين هي للدعوى، وإذا ادعى عليها، فإنْ أقرت به بالرجعة، لم يُقْبَل إقرارها على الثاني، بخلاف ما إذا ادعى امرأة في حبالة رَجُل أنها زوجته (?)، فقالت: كنت زوجةً لَك، فطلقْتَني، حيث يكون ذلك إقرارًا له، وتجعل زوجةً له، والقول قوله في أنه لم يُطَلِّقْها (?)؛ لأن هناك لم يَحْصُل الاتفاق على الطلاق، وهاهنا حَصَل، والأصل عدم الرجعة، وتغرم المرأة للأول مَهْر مثلها؛ لأنها فَوَّتَت البُضْع عليه بالنكاح الثاني.

وقال أبو إسحاق: لا غُرم عليها، كما لو قَتَلَت نفْسها أو ارتدت، وهذا هو خلاف الغُرْم بالحيلولة، وإن أنْكَرت، فهل تحلف؟ فيه اختلافٌ؛ بناء على أنها لو أقرت هل تَغْرم إن قلنا: لا، فإقرارها بالرجعة غير مقبول، وهو غير مؤثر في الغرم، فلا معنى للتحليف، ومقصود التحليف الحَمْل على الإقرار، والظاهر التحليف، فإن حلفت،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015