وَقِبلَ: يَطَّرِدُ هَذا الخِلاَفُ في الكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ وَالوَصَايَا، وَالأَظْهَرُ فِيهَا جَوَاز النَّقْلِ، وَصَدَقَةُ الفِطْرِ كَسَائِرِ الزَّكَوَاتِ فِي مَنْعِ النَّقْل وَوُجُوبِ أسْتِيعَابِ الأَصْنَافِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: للشافعيِّ -رضي الله عنه- في نقل الصدقة مِنْ بلد الوجوبِ مع وجود المستحِقِّين إلي بلد آخر قولان (?):
أحدهما: الجوازُ، وبه قال أبو حنيفة -رضي الله عنه- لأن قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوية- 60] مطلقٌ، وأيضاً: فإن الكفارة لا تختصُّ ببلد الوجوب، فكذلك الزكاة، وأيضاً: فقد رُوِيَ عنْ معاذٍ -رضي الله عنه- أنه قال لأهل اليمن: "ائْتُونِي بِكُلِّ خَمِيصٍ أَوْ لَبِيسٍ آخُذُهُ مِنْكُم مَكَانَ الصَّدَقَةِ، فَإِنَّهُ أَرْفَقُ بِكُمْ وَأَنْفَعُ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ بِالمَدِينَةِ" (?).
وأصحهما: المنع، ويُحْكَى عن مالك وأحمد -رحمهما الله-؛ لما روِيَ أَنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- بَعَثَ معاذاً إلى اليمنِ فقال: "أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَة تُؤْخَذُ من أغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِم" (?) دل على أن صدقة كلِّ صنف لفقرائهم، وأيضاً: فإن طمع المسكين في