كل بلدة يمتدُّ إلى ما فيها من الأموال، فالنقل يوحشُهم، واختلفت طرق الأصحاب في موضع القولَيْن من وجهين:
أحدهما: ذهب ذاهبون إلى أن القولين في أنه، هل يجوز النقل؟ وفي أنه إذا نَقَلَ، هل يسقط الفَرْض؟ وقيل: لا خلافَ في أنه لا يجوز النقل، والقولان في أنه لو نقل، هلْ يسقط الفرض؟ ففي قول: لا يسقط؛ لأن النقل منهيٌّ عنه.
وفي آخر: يسقطُ بعود المنفعة إلى الفقراء.
وقيل: لا خلاف في أنه لو نقل يسقط الفرض، والقولان في أنه هَلْ يجوز النقل؟ فهذه ثلاثةُ طرقٍ:
وأصحُّهما: عند الأئمة أوسطُها.
والثاني: قال قائلون: القولانِ فيما إذا نقل إلَى مسافة القصر فما فوقها، فأما إذا نقل إلى [ما] دون مسانة القصر، فلا بأس كما لو نقل في البلد الكبير من مَحَلَّه إلَى مَحَلَّة، وطرد آخرون الخلاف (?)، وهو الصحيح.
وليعلم قوله في الكتاب: "الجواز لعُمُومِ الآية" بالميم والألف.
وقوله: "المنع" بالحاء؛ لما ذكرنا.
وقوله: "لمذْهَب مُعَاذٍ" -رضي الله عنه- لم يرد به حديثَ بعثه إلَى اليمن؛ لأنه قال في "الوسيط": لمذهب معاذ ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أخْبِرْهُم أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ ... " الخَبَرَ، وكأنه أراد أنَّ معاذاً -رضي الله عنه- صار إلى منع النقل؛ لما رُوِيَ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنِ انْتَقَلَ من مِخْلاَفِ عَشِيرَتِهِ إلى غَيْرِ مِخْلاَفِ عَشِيرَتِهِ، فَصَدَقَتُهُ وعشرة في مِخْلاَفِ عَشِيرَتِهِ" (?) وأراد ما إذا انتقل عنه، وترك ماله فيه، والأقوال الثلاثةُ عَلَى ما نظمها تتولد من الطرق المذكورة من قَبْل.
ثم في الفَصْلِ صورتان:
إحداهما: إذا أوصى للفقراء والمساكينِ وسائرِ الأصنافِ، هل يجوز نقله إلى بَلَد آخر؟ فيه طريقانِ، شرَحْنَاهما في "باب الوصية":
أحدهما: أنه على الخلاف في "الزكاة"، وهذا ما حكاه هاهنا.
والثاني: ترتيب الوصية على الزكاةِ، والوصيةُ أولَى بالجوازِ، وهذا ما ذكره هناك، ولو لم يذكر الصورةَ إلاَّ في موضع واحد، وجمع فيه بين الجوابين، كان أحسن،