تأملت ما أوردناه، عرفت أن الصور الثلاث في الكتاب غَيْرُ مُجرَاةٍ على إطلاقها، ولا هي مقيدة بقَيْدٍ بل تستمر فيها (?) وإنما يجبُ استيعابُ الأصناف الثمانية، إذا قسم الإمام، وإنما لا يجب استيعاب آحَاد الصنف، والتسوية بينهم، إذا قسم المالك، وفي مثل هذا يقع التباس عظيمٌ.
الرابعة: إذا عدم في بلد جميعُ الاصنافِ، فلا بد من نقل الزكاة، وليكنِ النقلُ إلى أقرب البلاد إليهَ، وإلاَّ فهو على الخلاف في نقل الصدقات، وإن عدم بعضهم، نُظِرَ إنْ عدم العامل، سقط سهمه، وإن عدم غيره، فإن جوزنا نقل الصدقات، نقل نصيب الباقين، وإن لم نجوزه، فوجهان (?):
أحدُهما: ينقل أيضاً، ولا يرد إلى الباقين؛ لأن استحقاق الأصناف منصوصٌ عليه، فيقدم على رعاية المكان الذي يثبت بالاجتهاد.
وأصحُّهما: الردُّ على الباقين؛ لأن عدم الشيء في موْضعه [كالعدم المُطلَق؛ أَلاَّ ترَى أن عدم الماء في الموضع] (?) يرخِّص في التيمم، وإن وجد في سائر المواضع، وإن قلنا: تنقل، فلتنتقل، إلى أقرب البلاد، فإن نقل إلى غيره، أو لم ينقله، وردَّه على الباقين، ضمن، وإن قلْنا: لا تنقل فلو نقل، ضمن، فلو وجد الأصناف وقسم بينهم، فينقص نصيب بعضهم عنِ الكفاية، وزاد نصيب بعضهم على الكفاية، فيصرف ما زاد إلى ما نقص نصيبه أو ينقل إلى ذلك الصنف بأقرب البلاد إليه فيه مثل هذا الخلاف، وإذا قلنا بالرد على الدين نقص سهمهم عن الكفاية، فيرد عليهم بالسوية، فإنِ اكتفى بعضهم ببعض المردود، قسم الباقي بين الآخرين بالسوية، ولو زاد نصيبُ جميع الأصناف على قَدْر الكفاية، أو نصيب بعضهم، ولم ينقص نصيب الآخرين، نقل ما زاد إلَى ذلك الصنف، والله أعلم.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: الرَّابِعَةُ: في نَقْلِ الصَّدَقَاتِ ثَلاَثةُ أَقْوَالٍ: (أَحَدُهَا): الجَوَازُ (م) لِعُمُومِ الآيَةِ (وَالثَّانِي): المَنْعُ لِمَذْهَبِ مُعَاذٍ (وَالثَّالِثُ): لاَ يَجُوزُ النَّقْلُ وَلَكِنْ تَبَرَّأُ ذِمَّتُهُ إِذَا نَقَلَ،