حكى في استرداد الدابَّة وجهَيْن، جوابُ عامة الأصحاب فيهما: الاسترداد، وكما يعطى للذَّهَاب، يعطى للرجوع أيضاً إن كان يريد الرُّجُوع، وليس في مقصده مالٌ؛ لشمول الحاجة، وفيه وجهان آخران:

أحدهما: أنه لا يعطَى للرجوع في ابتداء السفر؛ لأنه سفر آخر، وإنما يعطَى إذا أراد الرجوع.

والثاني: عن أبي زيد؛ أنه إن كان على عزم أن يصل الرجوعَ بالذَّهاب أعطى للرُّجُوع أيضاً، وإن كان على أن يقيم هناك مدة، لم يعطَ، ولا يعطَى لمدة الإقامة في المقصد إلاَّ مقام المسافرين، إذا لم يكن له مال هناك؛ بخلاف المغازي حيث يعطى للمُقَامِ في الثَّغْر، وإن طال؛ لأنه قد يُحْتَاج إليه لتوقُّع الفتح، ولأنه لا يزولُ عنه الاسم بطول المقام، بل يتأكد، وهاهنا يزول، وعن "صاحب التقريب" أنه إن أقام لحاجةٍ يتوقَّع زوالها، أعطى، وإن زادت إقامته على إقامة المسافربن. والذي يدفع إلى ابن السبيل يكون تمام مؤنته، أو ما زاد بسبب السفر، فيه وجهان:

أصحهما: أولهما، وهما كالقولين في عامل القراض، إذا سافر، وفي الولي إذا حج بالصبيِّ، وأنفق عليه من ماله، كم يضمن، وأما الغازِي فيعطي النفقة والكُسْوة مدةَ الذهاب والمقام في الثغرة، وإن طال، ومدة الرجوع، ويكون المعطَى تمام مؤنتهما (?)، أو ما يزيد بسبب السفر، دون أصل المؤنة، فيه وجهان؛ كما سبقا في ابن السبيل، وربما أشعر نظم الكتاب بتخْصيصِ هذا الخلاف بالغازِي، ولا فرق، ويعطَى ما يشتري به الفرس، إن كان يقاتل فارساً، وما يشتري به السلاحَ وآلاتِ القتالِ، ويصير كل ذلك ملكاً له، ويجوز أن يستأجر له الفَرَسُ والسلاحُ، ويختلف الحال بحسب كثرة المالِ وقلَّته، وإن كان يقاتل راجلاً، فلا يعطَى ليشتري الفرس، وأما ما يحمل عليه الزاد ويركبه في الطريق، فعلى ما مَرَّ في ابن السبيل.

فَرْعٌ: إنما يعطى الغازِي، إذا حَانَ وقت خروجه؛ ليهيئ منه أسبابَ الخروج (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015