النوع الذي يحسن التجارة والتصرُّف فيه، ويكون قدره ما يفي ربحه بكفايته غالباً.

وأوضحوه بالمثال، فقالوا: البقليُّ يكتفي بخمسة دراهم، والباقلاني بعشرة، والفواكهي بعشرين، والخبَّاز بخمسين، والبَقَّال بمائة، والعَطَّار بألف، والبَزَّاز بألفين، والصَّيرِفيُّ بخمْسَة آلاف، والجوهريُّ بعشرة آلاف.

من لا يحسن الكسب بالحرفة ولا بالتجارة؛ قال العراقيُّون، وطائفة سواهم: يعطَى كفاية العمر الغالب، ولا يتقدَّر بالشهر ولا بالسنة، وروى آخرون، منهم صاحب "التهذيب" والمصنف: تقديره بكفاية السنة توجيهاً بأن الزكاة تتكَّرر كل سنة (?)، فيحصل بها الكفاية سنةً سنةً، وقضية التقدير كونُ المسألة عَلَى وجهين، وأشار في "التتمة" إلَى رفع الخلاف وتنزيل الكلامين على حالين، إن أمكن إعطاء ما يحصُلُ منه كفايته، أعطاه، وإلاَّ إعطاه كفاية سنة، وهذا غير متَّجِهٍ؛ لأنه لو لم يقدر على أن يعطيه كفاية سنة، فلا بد وأن يعطيه كفايةَ ما دونها، وحينئذٍ فلا معنى للضبط بالسَّنَة، وإذا قلنا: يعطى كفاية العمر فما طريقه؟ قال في "التتمة" وغيره: يعطَى ما يشتري به عقاراً يستغلُّ منه كفايته، ومنهم من يُشْعِرُ كلامه بأنه يعطَى ما ينفق عليه في حاجته، والأول أقرب، وإذا عرفت ذلك، أعْلَمْتَ قوله: "وهو كفاية سَنَةٍ" بالواو، ويجوز أنْ يعلم قوله: "ما يبلغانِ به أدْنَى الغَنَاء" بالحاء والألف؛ لأن عند أبي حنيفة لا يعطَى نصاباً، وإنْ لم تزل به حاجته، وعند أحمد لا يعطَى أكثر من خمسين درهماً.

لنا: أنه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "حَتَّى يُصِيبَ سَدَاداً مِنْ عَيْشٍ" (?) وهو ما يسدُّ به ثَلَمَةَ الحاجةِ، اعتبر الكفاية ولم يقدِّر.

وأما ابنُ السبيلِ: فيعطى ما يبلِّغه إلى مَقْصِدِه أو إلَى موضِع ماله، إن كان له في الطريق مال، فيعطَى من النفقة، وكذا الكسوةُ، إن كان محتاجاً إليهما؛ بحسب ما يقتضيه الحال صيفاً وشتاءً، ذكره ابن الصَّبَّاغ وغيره، وكذا يُهَيَّأ له المركوب، إن كان السفر طويلاً، أو كان الرحل ضعيفاً لا يقدِرُ على المشْي، وإن كان السفر قصيراً، أو الرجل قوياً، فلا، ويعطى ما ينقل به زادَهُ ورحْله أيضاً، إلا أن يكون قدر ما يعتاد مثله أن يحمله بنفسه. ثم في "أمالي أبي الفرج السرخسي" في كيفية تهيئة الركوب؛ أنه إن ضاق المال، فيعطَى كراء المركوب، وإن اتسع اشترى له المركوب، فإذا تم سفره،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015