قَالَ الرَّافِعِيُّ: قد سبق أن الموصَى به لا ينبغي أن يزيدَ عَلَى ثلث المال؛ لحديث سَعْدٍ -رضي الله عنه- بل الأحسن أن ينقص من الثلث؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- "والثُّلُثُ كَثِيرٌ (?) وعن عليٌّ -كرم الله وجهه- أنه قال: "لأنْ أُوصِيَ بالخُمُسِ أحَبُّ إِلَيّ من أن أُوصيَ بِالرُّبُعِ، وَلَأنْ أُوصِيَ بِالرُّبُعِ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُوصِيَ بِالثُّلُثِ (?) فمن أوصى بالثلث لم يترك وقيل إن كان ورثته أغنياء استوفى الثلث (?) وإلا نقص، وبأي يوم يُعْتَبَرُ المال؟ فيه وجهان:

أحدهما: بيوم الوصية، كما لو نذر التصدق بثلثِ ماله، ينظر إلى يوم النذر.

وأصحُّهما: وهو المذكور في الكتاب أن الاعتبار بيَوْم الموت؛ لأنَّ الوصيةِ تمليكٌ بعد الموت، وحينئذ يلزم، فعلَى هذا؛ لو زاد ماله بعد الوصيةُ تعلَّقت الوصيةُ به [وكذا لو هلك ثم كسب مالاً تعلقت به ولو أوصى بعشرة ولا مال له ثم استفاد مالاً تعلقت الوصية به] (?) وعلَى الأول كلُّ ذلك بخلافه. ومنْهم مَنْ جعل الاعتبارَ في القَدْر بيوم المَوْت جزماً، وخصَّص الخلاف بما إذا لم يملك شيئاً أصلاً، ثم ملكه (?).

ثم الثلثُ الذي تُنَفَّذُ فيه الوصيةُ هو الثلثُ الفاضل عن الدُّيون، والديونُ مقدَّمةٌ على الوصايا؛ لما رُوِيَ عن عليٍّ -كرم الله وجهه- أنه قضَى بالدَّيْنِ قَبْلَ التَّرِكَةِ (?)، وأيْضاً فالدُّيُون مقدَّمة على حق الورثة، فأولَى أن تقدم على حقِّ الموصَى له؛ لأنه أضعف.

فلو كان عليه دَيْنٌ مستغرِقٌ، لم تنفذ الوصيةُ في شيء، نعم، يُحْكَمُ بانعقادِهَا في الأصْل حتَّى ينفذها, لو تبرَّع متبرِّعٌ بقضاء الدَّين، أو أبرأ (?) المستحِقَّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015