قَالَ الرَّافِعِيُّ: اسم الطبل يقع على طَبْلِ الحرب، الذي يُضْرَبُ للتهويل، وعلَى طبل الحجيج والقوافل، الذي يضرب لإعلام النزول، والارتحال، وعلى طبل العطَّارِين، وهو سَفَط (?) لهم، وعلى طبل اللَّهو، وقد فُسِّر بالكوبة التي يضرب بها المخنَّثُون، وسطُها ضيِّقٌ، وطرفاها واسعان، وهي من الملاهي، ولعل التمثيل بها أولَى من التفسير.
فإنْ أطلق الوصيَّةَ بالطبل، فقد ذكره في الباب الثاني، وإن عيَّنَ ما سِوَى طبل اللهو، صحَّ؛ وإن عين طبل اللهو، نُظِرَ؛ إن صَلُحَ للحرب أو للحجيج، أو منفعة مباحة، إما على الهيئة التي هو عليها, أو بعد التغيير الذي يَبْقَى معه اسم الطبل، فالوصية صحيحةٌ أيضاً، وإلاَّ، فهي غير صحيحة، ولا نَظَر إلى المنافع المتوقعة بعد زوال اسم الطبل؛ لأنه إنما أوصى بالطبل، هذا ما أورده عامة الأصحَابِ في المسألة وذكر الإمام، وصاحب الكتاب؛ أنه إذا لم يصلُحُ لغرض مباحٍ مع بقاء اسم الطَّبْل، وكان لا يَنتَفعُ إلا برضَاضِهِ لم تصحَّ الوصية؛ لأنَّه لا يقصد منه الرضاضُ، إلاَّ إذا كان من شيْءٍ نفيس كذهب، أو عُودٍ، فتنزل الوصيةُ عليه، وكأنه أوصَى برضاضه، إذا كسر، والوصيَّة قابلة للتعليق.
واعلم أن في بيع الملاهِي التي يُعَدُّ رضاضها مالاً ثلاثةَ أوجُهٍ، بيناها في "كتاب البيع".
ثالثُها: الفرق بين أن تكون متَّخَذَةُ من جوهر نفيس، أو من غيره، فإن اكتفينا بمالية الرُّضَاض لصحَّةِ البيع في الحال، فكذلك في الوصيَّة. إذ هي أولَى بالصحة، وإلاَّ فكذلك في الوصيَّة، [فإنَّ] (?) ما ذكره عامة الأصحاب [مع ما ذكراه وجهان في المسألة وكما أطلق عامة الأصحاب] (?) المنع في اِلبيع فكذلك منعوا الوصية، والإمام، وصاحب الكتاب اختارا صحة البَيْع، إذا كانت مُتَّخَذةً من جواهِرَ نفيسةٍ، وبمثله أجابا في الوصيَّة.
وليعلم لذلك قولُه: "فينزل عليه" والله أعلم.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وُيُشْتَرطُ أَلاَّ يَكُونَ المُوصَى بهِ زَائِداً عَلَى ثُلُثِ الْمَالِ المَوْجُودِ عِنْدَ المَوْتِ لِقَوْلهِ -صلى الله عليه وسلم- لِسَعْدِ بنِ أَبىِ وَقَّاصِ "والثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، وَكُلُّ تَبَرُّعٍ فِي مَرَضِ المَوْتِ فَهُوَ مَحْسُوبٌ مِنَ الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَ مُنَجَّزاً، وَكَذَا إِذَا وَهَبَ في الصِّحَّةِ ثمَّ أَقْبَضَ فِي المَرَضِ.