أظهرُهُما: المنعُ، وإنْ لم يسبقْ واحدٌ منهما، فقد يختَصُّ أحدُهُما بصفَةِ تقَدِّمُهُ، وَقَدْ يَستَوِيانِ، والصِّفاتُ المُقَدِّمَةُ أربعٌ:
أحدُها: الغِنَى، فإن كانَ أحدُهُما غَنِياً، والآخَرُ فَقيراً: فَوَجْهانِ:
أحدُهَا: أنَّهما يَسْتَويانِ؛ لأنَّ الفقيرَ أهلٌ كالغَنِيِّ، وأظهرُهُما وبِهِ قَالَ أبو إسحاقَ، وَهوَ المذْكُورُ في الكِتَابِ، أنَّ الغَنِيَّ أَوْلَى، لأنّه رُبَّما يُواسِيهِ بماله، ولأنَّ الفَقيرَ قَدْ يَشتَغِلُ بِطلبِ القُوتِ عن الحضَانَةِ، وعلَى هَذَا فَلَوْ تَفَاوَتَا في الغِنَى، حَكَى الإمامُ وَجْهَيْن في أنَّه هَلْ نُقَدِّم أكْثَرُهُما (?) مالاً؟
الثَّانيةُ: أنْ يكونَ أحدُهُما بَلديًّا، والآخرُ قَرَويًّا، أو بَدَوِيًّا، أو أحدُهُما بلديًّا أو قَرَويًّا، والآخرُ بَدَوِيًّا.
والقَوْلُ فِيمَنْ تَقَدَّمَ مِنْهم، مَبْنيٌّ على انْفِرَادِهِم بالالتِقَاطِ، ويلتحق بهما نَقلُ اللَّقيط من مَوْضِعَ الالتقاط.
والثاني (?): أنْ نَذكرها مجموعةً من الفصل الثالثِ مِن هَذا الفَصْل؛ حيث تَكلم من نَقْلِهِ.
الثَّالِثَةُ: مَنْ ظَهَرتْ عَدَالَتُهُ بالأخبار من تَقَدُّمِهِ على المسْتُورِ، وجهانِ:
أحدُهُما: وبِهِ قَطَعَ الشَّيخُ أبو محمدٍ، أنَّه يتقدمُ احتياطًا للصبي.
والثَّاني: أنَّهما سواءٌ؛ لأنَّ المستورَ لا يُسلَّم مزية للآخَرِ، ويقولُ: لاَ أتْرُكُ حَقِّي؛ إن لمْ تَعْرفُوا حالِي.
الرَّابعَةُ: الحرُّ أَوْلَى من المُكَاتَبِ، وإنْ كانَ التقاطُه بإذنِ السَّيِّدِ؛ لأنه ناقص من نفسه وليسَ يده يد السيد، وأما إذا كان أحدهما عبدًا التقط بإذن السيد فالنَّظرُ إلى السَّيِّد والآخَرُ. ولا تُقَدَّمُ المرْأةُ على، الرَّجلِ، بخلافِ الأمِّ تتقدم على الأَبِ في الحَضَانَةِ؛ لأنَّ المراعي هُنَاكَ شفقة الأُمُومَةِ في الحضانة.
وكَذا لا يتقدَّمُ المُسْلمُ على الذِمِّيِّ في اللَّقِيطِ المحكوم بكفْرِه، وفي "آمالِي أبي الفَّرَجِ" المَيْلُ إلى تقديمِ المُسْلِم ليُعَلَّمِه دِينَه.
وفي بعْضِ الشُّروحِ، تقديمُ الكَافِر؛ لأنَّه على دِينِهِ.
واعلم، أنَّ صاحبَ الكتاب اعتَبَر في "الوسيطِ" صفاتِ التَّرْجِيحِ، أوَّلاً، ثم قال: فإنْ تَسَاوَيَا في الصِّفاتِ، قُدِّمَ السَّابقُ إلى الآخذ، فَهَاهُنَا اعْتُبرَ السَّبقْ أوَّلاً، ثمَّ إن