تَسَاوَيَا، فحينَئذٍ، نُظِرَ إلى الصِّفَاتِ المُرَجِّحَةِ.

والصوابُ الموافقُ لنَقْلِ الأصحابِ ما ذكرَهُ هَاهُنَا، هَذا إذا اخْتُلِفَ في حالِ المُزْدَحِمينَ.

أمَّا إذا تَسَاوَيا وتشاحا قال الشَّافعيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يُقْرَعُ بَينَهُمَا ووجهه الأصحاب، بأنه -إما أن يخرجَ من أيديهما، وفيه إبطالُ حقهما الثابت في الالْتِقَاطِ، أو يُتْرَكَ في أيديهما إمَّا جميعًا، والاجْتِمَاعُ على الحضَانَةِ شاقٌ أو متعذر، وأمَّا بالمُهَايَأَةِ، وفِيهِ إضرارٌ باللَّقِيطِ لِمَا في تَبَدُّلِ الأيدي من قطعِ الإلف، واختلافُ الأغذية والأخلاق، أو يخصَ أحدَهُما بلا قُرْعَة، ولا سبيلَ إليه لتساويهما فوجب المصيرُ إلى القُرْعَة كالزوج يسافر بإحدى زوجاته، فإنَّه يُقْرَعُ.

[و] قال أبو علي: هاهنا طريق الترجيح، [و] هو أن يجتهدَ القاضي، فمن رآه خيراً للقيط أمرَهُ في يده، لكن إذا تحير القاضي أو استويا في اجتهاده فلا سبيلَ إلى التوقف، ولا بد من مرجوع إليه نسب صاحبُ الكتاب هذا الوجهَ في "الوسيط" إلى ابن أبي هريرةَ والمذكور في "المهذب" وغيره حكايته عن ابنِ خيران.

قال الأئمة: ولا يخيّر الصبيُ بينهما، وإن كان له سَبعِ سنين فأكثر بخلاف تخيير الصبي بين الأبوين عند بلوغِه سن التمييز، لأنَّه يعوّل هناك: على الميل الناشئ من الولادة، وهذا المعنى معدوم في اللقيط، وأبدى الإمام في "النِهاية" احتمالاً فيه.

وقال: يجوز أن يُقَالَ يخيَّر، ويجعل اختياره أولى من القُرْعَة، ثم إنَّه صوَر ذلك فيما إذا التقطَه اثنان، [و] لم يتفق فصلُ الأمر بين المزدحمين حتى بلغ اللقيطُ سن التمييز، وهذا لائق به، حيث تردد في أنَّ المميزَ هل يَلتقطَ [غير الممَيز] (?) لكنَّ تصويرَ التوقف إلى أنْ تطولَ المدةُ وينتهي غير المميز إلى حد التمييز كالمستبعد، وظاهر ما أجراه الأصحاب الفرص فيمن التقطَ وهو مميز، وإذا خرجت القُرْعَة لأحدهما فترك حقه إلى الآخر لم يجزْ، كما ليس للمنفرد نقلُ حقِه وتسليم اللقيط إلى غيرِهِ (?).

ولو قال قبل القُرْعَة تركتُ حقي ففي انفراد الآخر به وجهان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015