والثاَّلثُ: لو شرَطَ الواقفُ للمتولِّي شيئاً من الرِّيع، جاز، وكان ذلك أُجْرَةَ عَمَلِهِ، ولم يذكُرْ شيئاً، ففي استحقاقه أجرةَ عَمَله الخلافُ المذكور فيما إذا استعْمَلَ إنساناً، ولم يذكر له أُجْرةً، ولو شرط للمتولِّي عُشْر الرِّيع أجرةً لعمله ثم عزَلَه، بَطَلَ استحقَاقُه، وإن لم يتعرَّض لكونه أجرةً، ففي فتاوَى القَفَّالِ أنَّ استحقَاقَه لا يَبْطُلُ؛ لأنَّ العُشْرَ وقفٌ علَيْه، فهو كأحدِ المَوقُوف علَيْهم.

ويجوز أنْ يقالَ: إذا أثبَتنا الأُجْرَةَ بمجرَّد التفْويض؛ أخذاً من العادة، فالعادة تقْضِي بأن المشروط للمتولِّي أجرةُ عَمَلِه، وإن لم يَصِفْه بكونه أُجْرةً، ويلزم من ذلك بُطلانُ الاستحقاق بالعَزْل.

الرابع: للواقِفِ أنْ يعزلَ من وَلاَّه ويُنَصَّبَ غيرَهُ، كما يَعزِلُ الوكيل ويُنصَبُّ غيره، وكان المتولِّيَ نائب عنه، هذا هو الظاهِرُ، وبه قال الإِصْطَخْرِيُّ وأبو الطَّيِّب بْنُ سَلَمَة.

وفيه وجْه: أنَّهُ ليس له العَزْلُ؛ لأنَّ ملكه قد زال فلا تبْقَى ولايُتُه عليه، وقبولُ المتولِّي يشبه أن يجيُءَ فيه ما في قبول الوكيل، أو في قَبُول الموْقُوف علَيْه، ويُشْبِه أن تكونَ المسألةُ مصوَّرةً في التولية بعد تمام الوقْف دون ما إذا وقف بشَرْط أن تكُونَ التولية لفُلاَنٍ؛ لأنَّ في فتاوى صاحب "التَّهْذِيب": أنَّهُ لو وقَف مدْرسةً عَلَى أصحاب الشافعيِّ -رضي الله عنه- ثم قال لعالِمٍ: فوَّضْتُ إليك تدْريسَها أو ذهب ودرِّس فيها، كأن له تبديلُه بغيره، ولو وقَف بشَرْطِ أنْ يكون هو مُدَرِّسَهَا، أو قال في حالة الوقْف: فوَّضْتُ تدريسَهَا إلَى فلان، فهو لازمٌ لا يجوز تبديله، كما لو وقَفَ عَلَى أولاده الفُقَراءِ، لا يجوزُ التبديلُ بالاغنياء (?)، وهذا حسن في صيغَة الشرط وغَير متَّضِحٍ في قوله: وقَفْتُها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015