الثَّالثة، لكن الذي يقْتَضِي كلامُ المُعْظَم الفتوَى به أنْ يقال: إنْ كان الوقْفُ علَى جهةٍ عامَّة، فالتوليةُ للحاكم، كما في الوقْف على المَسْجِد، والرِّباط، وإنْ كان الوَقْفُ على شخْصٍ معيَّن، فكذلكَ، إنْ جعلْنا المِلْكَ لله -تعالَى- وإن جعلْناه للواقِفِ أو الموقوفَ عليه، فالتوليةُ كذلك، ثمَّ النظر في أمور:
أحدُهَا: لا بُدَّ من صلاحية المتولِّي لشغل التوليةِ، والصلاحية يثبُت بصفَتيْنِ:
إحداهما: الأمانَةُ.
والأُخْرَى: كفاءة التصرُّف، واعتبارُهُما كَاعتبارِهِمَا في الوصيِّ والقيِّم ولا فرْقَ في اعتبارِهِمَا بيْن المنْصُوب للتَّولِيَة، وبيْن الواقِفِ، إذا قلْنا: هو المتولي عند الإطلاق في الوَقْف، ولا بيْن الواقِفِ على الجهات العامَّة، والأشْخَاص المعيَّنين، وفيهِ وَجْهٌ: أنَّهُ لا يُشْتَرَطَ العدالةُ، إذا كان الوَقْفُ عَلَى معيَّنين، ولا طِفْلَ فيهم، فإن خان حملوه على السَّداد، والمذْهب الأوَّل، حتى لو فوض إلى الموصوف (?) بالصفتَيْن معاً، ثم اختلَفا أو أحدُهُما ينزع الحاكمُ الوقْفَ منه.
والثاني: وظيفة المتولِّي العمارة والإجارة، وتحصيل الرِّيع وقسمتها على المستحقين، وحفْظ الأُصُول والغلات عَلَى الاحْتِيَاط (?)، هذا عنْد الإطْلاَق، ويجوزُ أَنْ ينصب الواقِفُ متولِّياً في بعْض الأمورُ دُون بعْض، كما إذا جعل إلَى واحد العمارة، وتحْصِيل الرِّيع، وإلَى آخِر حِفْظِ الرِّيع وقسمتها على الأَرْبَاب، أو يشرط لواحد الحفْظ واليد، ولآخَرَ التَّصَرُّف.
ولو فوَّض إلى اثْنَيْنِ، لم يستقلَّ أحدهما بالتصرُّف، ولو قال: وقفتُ على أولادِي عَلَى أن يكونَ النَّظَرُ لعدلَيْنِ منهم، فإن لم يكُنْ فيهم إلا عدْلٌ واحد، ضَمَّ الحاكمُ [إليه عدلاً آخر، وليس للمتولِّي أن يأخذَ مِن، مال الواقف شيئاً؛ على أن يضْمَنَه، ولو فَعَل، ضَمِن، ولا يَجُوزُ له ضم] (?) الضمان إلى مال الوقْف، وإقراض مالِ الوقْفُ، حُكْمُه حُكْمُ إقراض مالِ الصَّبِيِّ.